هل يمكن أن يكون توطين الإعلام، والصحافة تحديداً مجرد برنامج انتخابي وشعار يرفع في حالات تجلي البعض من الباحثين عن أدوار واجتذاب الأضواء بعد أن تجاوزتهم المرحلة وأصبحوا في دوائر النسيان لا يخرجون منها إلا في المناسبات؟! سؤال كبير يتجدد ويقفز بقوة أمام كل متابع للشأن الإعلامي المحلي، فقد كان الذين يرفعون اليوم بحماسة برامج التوطين في الإعلام أكثر الناس ظلماً للصحفيين المواطنين عندما كانوا أصحاب الحل والعقد في المؤسسات الصحفية التي عملوا فيها.

في عهودهم” الميمونة” تفشت الشللية والمناطقية وكان الحديث عن التدريب والتأهيل كما لو أنه يجري في كوكب آخر. آخرون من حملة الشعار تعد مؤسساتهم الصحفية الأقل فيما يتعلق بوجود الصحفي أو الإعلامي المواطن إذا لم نقل إنه يندر وجوده في المؤسسات التي يتولون إداراتها. وكانت الردود والمبررات دائما جاهزة بأن البيئة والوسط الصحفي بيئة طاردة تتطلب جلداً وقوةً وصبراً، وهي صفات لا تتوافر في الباحثين عن الدعة والدوام المريح والرواتب العالية والامتيازات السخية، مبررات يفرضون بها وصايتهم على من يريدون . وكلها مبررات تساق وشعارات ترفع في مناسبات معينة. ولكن ما مبررهم في تجاهل مجال لا يقل أهمية وخطورة من العمل الصحفي، ونقصد المجال الإعلاني الذي تتصدر الإمارات المنطقة العربية في الإنفاق عليه بحيث بلغ خلال الربع الأول من العام الحالي نحو 1.5 مليار درهم.

وكانت الإمارات قد احتفظت بموقع الصدارة في صناعة الإعلان بالمنطقة العربية خلال عام 2009 وللعام الرابع على التوالي رغم تراجع إنفاقها بنحو 27% ليصل إلى 5.3 مليار درهم (1.466 مليار دولار) مقابل 7.34 مليار درهم خلال العام 2008، بحسب الإحصائيات الصادرة عن المركز العربي للبحوث والدراسات الاستشارية “بارك”. وهذه الصناعة الكبيرة التي تدر كل هذه المليارات العنصر المواطن فيها ضيف شرف الحفلات الباذخة التي تقيمها جمعيات ووكالات الإعلان مع نهاية كل موسم إعلاني أو لدى فوزها بالميزانية الإعلانية لهذه الشركة الكبيرة أو تلك. واستعرضوا معي كل المؤسسات الصحفية والإعلامية الكبيرة، فلن تجدوا اسما محليا يدير أقسام الإعلان والتسويق فيها، حتى في المؤسسات والجهات التي كان الكلمة العليا فيها لأصحاب شعارات اليوم عن التوطين. وتلاحظ أيضا أن جنسية معينة هي التي تسيطر على المجال، والمبرر أيضا جاهز حول المهارات التي يجب أن تتوافر فيمن يعمل بهذه المهنة في أكبر إساءة أيضا لصناعة الإعلان التي يريدون إقناعنا بأن من يعمل فيها يجب أن يكون ذرب اللسان صاحب مهارات ابتكارية وأشياء أخرى!! . ويتناسى هؤلاء أي دور للمعلن الذي يحرص علي اختيار المطبوعة القوية التي يرى أنها وسيلة مهمة لتسويق بضاعته أو السلعة التي يريد تسويقها بطريقة تخدم غاياته الترويجية وتنعكس في صورة ارتفاع ملحوظ وملموس في مبيعاته.

إن قوة الأداء الإعلاني في الدولة يعبر بكل قوة عن حيوية قوة الاقتصاد الوطني بعيدا عن مزاعم أولئك الذين يريدون إبعاد الكوادر الوطنية قدر الإمكان عن” الكعكعة الإعلانية” وما تدره عليهم من عمولات وامتيازات وبالأخص” البونص” السنوي والرحلات الفاخرة على الدرجة الأولى بزعم متابعة المعلنين الخارجيين !!


ali.alamodi@admedia.ae