لم أتفاجأ بردود أفعال العقلاء، فهم في بلادنا وفي عموم منطقة الخليج كثر ولله الحمد.

السادة المحترمون يرون مثل ما نرى ومثل ما طالبنا بالأمس، بضرورة إلغاء بطولة أندية التعاون لكرة القدم، بعد أن انحرفت عن المسار ولم تعد تحقق الأهداف التي أقيمت من أجلها أو على الأقل استنفدت أغراضها.

لم يعد الفوز ببطولة إقليمية مصدر فخر أو سعادة.. ولم تعد المشاركة طريقا للتطور.. بل أصبحت هذه البطولات بمثابة مضيعة للوقت والجهد والمال في ظل تنامي البطولات الرسمية القارية.. كما أن نغمة البطولات العرقية أصبحت تجد صدوداً وعدم ارتياح وعدم قبول.. وهذا منطق صحيح، بدليل ما يحدث بيننا الآن إزاء مشكلة كروية عارضة بين فريقين متنافسين ذهبت بنا إلى أبعد مما نتصور وأيقظت أشياء كامنة لم نكن نظن أبدا أنها إلى هذا الحد.

السادة المحترمون رفضوا ما حدث في مباراة الوصل الإماراتي والنصر السعودي.. رفضوا إباحية المعالج ورفضوا تصرف الجماهير.. رفضوا عدم احترام اللوائح في اجتماع اللجنة التنظيمية.. ورفضوا تحويل القضية لـ”الفيفا”، لأنه أمر يثير الشفقة والضحك على أحوالنا وعلى تصرفاتنا.

وعلى الرغم من سحب القضية من “الفيفا”+ والدعوة لاجتماع “استفاقة إذا جاز التعبير لتدارك أمر خاطئ ومواجهة الأمر بشجاعة.. إذا بنا نفاجأ بما هو أدهى وأمر مما حدث.. فالاجتماع الذي قيل عنه أنه سيعقد يوم السبت القادم يتم الترتيب له الآن بنظام “اللوبي”، حيث تجري التربيطات على قدم وساق، من أجل استمالة هذا الطرف أو ذاك لمصلحة طرف على حساب آخر.

هكذا نفكر.. وهكذا نتصرف.. وعلى الرغم من أن الموضوع لا يجب أن تحكمه أشياء أخرى غير اللوائح.. إلا أننا لا نفكر أبدا بهذا المنطق.. بل حولنا المسألة إلى مسألة كرامة.. من الذي سيفوز في نهاية الأمر من الذي سينتصر.. وكأننا في حرب.

من البديهي عندما تصل الأمور بيننا إلى هذه الدرجة فلا فائدة.. نعم لا فائدة من بطولة أندية.. ولا بطولة منتخبات.

كنت إلى وقت قصير من أشد المناصرين لاستمرار دورة الخليج.. وأعترف أن الرأي كانت تحكمه العاطفة أكثر من أي شيئ آخر.. فلقد عاصرنا هذه البطولة من بداياتها الأولى وأحببناها وعشقنا أجوائها وإثارتها.. وكنا نعتبرها أحد تراث المنطقة الذي يجب أن يبقى ويستمر بصرف النظر عن أي شيء آخر.. لكنني والله، وعلى مضض، أتحول بعد ما شاهدته وسمعته وقرأته وزرته في المنتديات.. أشياء يندى لها الجبين لا يمكن أن تقال أو تعاد.

أما بعد
وبما أننا وصلنا إلى مرحلة “اللوبي” وطيرنا “خفافيش الظلام” من أجل كسب الأصوات أو عدم اكتمال النصاب.. ومن أجل وضع اللوائح في سلة المهملات.. فإن الساكت عن الحق يكون شيطاناً أخرس.. وإن المشارك في هذه البطولات مستقبلاً كمن يرتكب حماقة في حق نفسه.


mahmoud_alrabiey@admedia.ae