تعود الحياة إلى دورينا، تعود الحرارة وتعود الإثارة ويعود الإحساس بطعم الفوز ومرارة الخسارة، هذا الشعور الذي افتقدناه خارجياً ها نحن نستعيده محلياً، وبعد ما بات جلياً أن إخفاقاتنا الآسيوية لم تكن سوى سحابة صيف بل غمامة وبعد أن أثبتت أنديتنا أنها أسود علينا وفي الحروب نعامة.

يعود اليوم دورينا دوري الأحلام بل هو دوري الصحافة والإعلام، وترقبوا تغطية متميزة لديربي الملايين، وفي الحقيقة لست أدري نخدع أنفسنا أم نخدع القراء المساكين، وفي النهاية اكتشف أن القارئ ذكي ولماح يدرك الفرق بين الغث والسمين ويعرف قيمة دورينا حتى لو كان مسماه دوري المحترفين.

تعود “الديربيات” وكل يوم نصحو على “ديربي” و”كلاسيكو”، دورينا فيه النياشين والأوسمة وكل ما أرعب اسمه حتى لو صغر حجمه، ففيه “الملك” و”العميد” و”الزعيم”، فيه “أصحاب السعادة” و”العنكبوت” و”الامبراطور” و”الفرسان”، واليوم يعود البركان، تعود “الجوارح” و”الصقور” و”الميترو” و”الاسود”، ففي دورينا الكل موجود ولكل فريق أكثر من لقب وليس مهماً أن يكون الفريق مؤهلاً لحمل الاسم فالمسمى أهم، حتى والفريق الشجاع يقبع في القاع، ولسان حال أي مشجع عندما يفوز فريقه يقول “الكبير كبير” ففي دورينا الكل كبير.

يعود اليوم دورينا ويعود المعلقون يتنافسون فيما بينهم لتأليف المعلقة الثامنة وأنواع الغزل العفيف والتملق السخيف، فكل من في الملعب نجوم حتى لاعبي الفريق المهزوم والمهم ألا يزعل أحد والجميع يخرج راض، المتخاصمون والشهود والقاضي، واليوم تعود ساعات البث الطويل ومنذ الرابعة حتى منتصف الليل مشاهدة حتى الإشباع ففي قنواتنا لا حدود للإمتاع ويعود المحللون وكلام الكباتن والبطولة والقرار والمشاهد بعد طول انتظار وبعد نهاية شوطي المباراة سيشاهد مباراة جديدة في الشوط الثالث، وبرنامج الجماهير وتحدي المشجعين ونبرات التهديد وأنواع الوعيد، سيعود التنافس بين بعضنا البعض، بعد أن خلعنا رداء الهزائم نتشطر على بعض لنردد أهزوجة “كليناهم”.

يعود اليوم دورينا أو دوري الأوهام هذا الذي حاول أن يخدعنا في يوم من الأيام أنه الأفضل خليجياً وعربياً وآسيوياً ويزاحم الكبار عالمياً، ونحن بلا قصد كانت المكابرة بالوطنية قد أعمتنا ودفعتنا فتبعنا الوهم وصدقنا واليوم بعد أن اصطدمنا بواقع الحال تعلمنا درساً ألا نصدق كل ما يقال.

دورينا الذي يعود اليوم هو دوري النجوم، افتقدناه بعد غياب ففيه الجزار والديناميت والقصاب وفيه “الديربيات” و”الكلاسيكيات” ومختلف المسميات وفيه الألقاب، فدورينا دوري الألقاب أما كبد الحقيقة وما يجب علينا تصديقه أن دورينا كذاب.



ralzaabi@hotmail.com