نتمنى أن يتوقف الزمن، أو أن الخبر كاذب، هذا ما تشعر به عند تلقيك خبراً «ترفضه» عن وفاة عزيز عليك.. ثم ترضخ في النهاية لقضاء الله. لا تعرف ما الذي يجري حولك ولا تدرك معنى زحمة الحياة، كل ما تعرفة هو خسارة من كان معك. أصوات لا تسمع وعيون تغرق في بحر من الدموع، كلمات خالية من المعنى، برودة تسري في جسدك، الأشياء تمشي بصمت وبلا هدف. ويمر الزمن أمامك وتشعر بالأشياء تتحرك ببطء شديد. إلا أن هناك شيئاً ما لايزال يؤلمك في قلبك.. الألم المرتبط بإدراكك بالفقدان وإحساسك بالخسارة. لكن الموت هو الحقيقة التي لا تتبدل ولا تتغير، هو واقع كواقع الحياة نفسها.

يقال إنهم أصبحوا نجوماً تتلألأ في السماء؛ ويقال إن أرواحهم تظل موجوده حولنا؛ يقال ويقال ولكن الأكيد أنهم يحيون في وجداننا.

هناك من يقول إنه تعلم ألا يخشى الموت وإنه متصالح مع نفسه. لكن المشكلة بعد تلقي النبأ لا تتمحور في هذا، بل في الفراق الذي يحدثه الموت. والحنين الذي يثيره الفراق في النفس. وتتلفظ ألسنتنا «إنا لله وإنا إليه راجعون»، ونسلم أمرنا للبارئ لتسكين مرارة الألم، ونتضرع بالدعاء لأحبائنا.

تصبح اللحظات ساعات وتغدو الساعات أياماً وسنين. ويبقى من فارقنا ذكرى عالقة في أذهاننا نستحضرها بالحنين مع ما خلفوه في الدنيا. لكن هذا الفراق فيزيائي فقط، أجساد غادرت الحياة، لكنهم بقوا معنا لأن أعمالهم وذكرياتهم لاتزال معنا.

هم معنا وبيننا بكلامهم.. بنهجهم.. بأعمالهم. هم ذكرى طيبة تبقى في النفس، نشعر بها كلما طلبنا لهم الرحمة من الله عز وجل. رحلوا ولم يرحلوا، فكيف يرحل من له في الدنيا محبين؟ كيف يرحل المحسنون؟ كيف ترحل تلك الأيادي البيضاء وهناك امتداد لهم؟ كيف وهناك من يدعو لهم ويشتاق لهم؟ رحلوا عن العيون ولم يرحلوا من القلوب التي سكونها.

بالأمس غادرنا المغفور له بإذن الله الشيخ أحمد بن زايد. رحل وترك أعمالاً تتذكرها الإنسانية وحباً واحتراماً لكل من عرفه ومن لم يعرفه. غاب عن الأرض ولم تغب أعماله. فأهل الخير لا يغيبون وذكراهم لا تندثر.
رحل أحمد بن زايد ومن قبله رحل المغفور له بإذن الله الشيخ زايد، زايد الخير زايد العطاء، زايد الوطن. سنظل نفتقدكم ولكن عزاءنا الوحيد هو أنكم معنا بأعمالكم وأقوالكم، وإن لله وإن إليه راجعون.


Ameena.awadh@admedia.com