هل كانت بلدية عجمان بحاجة إلى حادثة بحجم وفاة توأم وإرسال شقيقتهما إلى العناية المركزة، حتى تتحرك وتجتمع بشركات مكافحة الحشرات وتوزيع المبيدات لتشدد عليها الالتزام بالاشتراطات التي وضعتها لضمان تقيد عملية مكافحة آفات الصحة العامة وفق مواصفات ومقاييس الصحة والسلامة العامة؟

وقالت البلدية إن من أهم الشروط التي يجب أن تلتزم بها تلك الشركات، تقديم قائمة بأسماء وأنواع المبيدات التي تريد استخدامها، وأن ترفق معها شهادة تسجيل صالحة صادرة من وزارة البيئة والمياه ونشرة المبيد الفنية الكاملة الصادرة من الشركة المصنعة، كما يجب أن تحمل عبوات المبيدات البطاقات الكاملة للمعلومات وموافقة وزارة البيئة والمياه عليها.

كما اشترطت البلدية على تلك الشركات مراعاة التخزين الصحيح للمبيدات”، وأن يكون ذلك في مستودع جيد التهوية وبه تكييف هواء يضمن له حرارة أقل من 20 درجة مئوية طيلة أيام السنة، كما يجب عدم استخدام أماكن تخزين المبيدات للنوم أو لأية أغراض آدمية أخرى وعدم تخزين أي أغراض أو مواد أخرى فيها”.

وشددت البلدية أيضا على ضرورة التخلص من مخلفات المبيدات المنسكبة والمبيدات المنتهية الصلاحية والعبوات الفارغة بشكل آمن وفق الإجراءات المنصوص عليها في لوائح البلدية.

وحظرت البلدية على الشركات “القيام بأية عمليات مكافحة إلا بعد أخذ موافقة رسمية منها حفاظا على الأرواح البشرية وخشية من أية أضرار قد تلحق بالجمهور نتيجة أساليب المكافحة السلبية والخاطئة غير المطابقة لشروط إدارة الصحة العامة والبيئة”.

كل هذا كلام جميل وشروط مثالية، ولكنه شيء، وما يجري على الواقع وفي الميدان شيء آخر، فهل كانت هذه الشروط والاشتراطات متوافرة في حادثة نعيمية عجمان، حيث رزئت عائلة عربية بفقد رضيعين توأم، وإدخال شقيقتيهما للعناية الفائقة في المستشفى بين الحياة والموت؟!.

الواقعة برمتها تكشف ضعف المتابعة والملاحقة من جهة، وغياب الوعي بطريقة عمل هذه الشركات من الجهة الأخرى، فلأول مرة تعرف شرائح واسعة من الناس أن أي شخص يرغب في رش مكان إقامته أو عمله، عليه الحصول على موافقة البلدية. كما كشفت الواقعة قيام الشركة باستخدام مبيد شديد الخطورة لا يستخدم في مناطق سكن الإنسان إنما في السفن والمخازن للقضاء على الحشرات والقوارض. كما علمنا أيضا وجود عقوبات مشددة من قبل السلطات بحق من يخالف شروط استخدام هذه الأنواع من المبيدات المحظورة تصل إلى السجن والغرامة والإبعاد عن البلاد للوافدين. وقد كشفت تحقيقات شرطة عجمان أن الشركة التي قامت برش الشقة في البناية التي شهدت الواقعة تعمل خارج الإمارة.

إن هذه الواقعة المؤلمة تستدعي وقفة حازمة وموحدة من بلديات الدولة، ونحن نرى شركات مكافحة الحشرات تعمل من داخل مناطق سكنية، ويجري خلط مواد كيماوية شديدة الخطورة والسمية بطرق بدائية، بدون أي تدابير وقائية واحترازية، ومع هذا لا نتحرك إلا بعد أن “يفوت الفوت”، ويقع ضحايا أو حادث يكشف المستور. كما أن الأمر بحاجة أيضا إلى تنظيم حملة توعية واسعة النطاق يعرف معها الجميع الطرق المثلى ليتعامل بها عند حاجته إلى خدمات شركات مكافحة الحشرات، وذلك حفاظا على الأرواح والممتلكات والبيئة!!.


ali.alamodi@admedia.ae