لا يمكن أن أصف مشاركة أنديتنا في البطولة الآسيوية للعام الثاني على التوالي سوى بالمهزلة، بل يمكن أن نعتبرها كارثة وجريمة تم ارتكابها بحق سمعتنا الكروية، لدرجة أن ما نشاهده في كل جولة من سقوط جماعي أصبح يسبب لنا “فوبيا” آسيوية من نوع نادر فنصاب بالخوف عندما يقترب موعد الجولة المقبلة، ونتمنى أن تنتهي هذه المشاركة سريعاً فلا نطلب مركزاً أول ولا ثانياً وجل ما نرجو هو أن ننجو والستر وتجنب المزيد من الفضائح.

وفي المقابل، لا نجد أي ردة فعل من الشارع الرياضي فكل شيء أصبح عادياً ويبدو أننا فقدنا الإحساس بالألم ولم تعد الهزائم التي نتلقاها في كل محفل تحرك فينا ساكناً، ومهما زاد رقم الأهداف التي تسكن شباك فرقنا لا يهم، فكل شيء أصبح عادياً، فلا توجد حياة ولا صوت أو منادٍ.

وقد يخالفني أحد أولئك الذين يجيدون وضع مساحيق التجميل على الوجوه البشعة ويحولون الواقع القاتم إلى بستان من زهور، ويتهمني بالمبالغة والتهويل وإدمان العويل ويختار الكلام المنمق ويتحجج بالمنطق ويدعي أن السفينة في أمان وهي تغرق.

نعم هي مهزلة وكارثة وجريمة، ولم أجد في قاموسي المتواضع أوصافاً أشد قسوة كي أصف بها الحال ولو وجدت لما ترددت، حتى لو كنا نتعذر في بعض الأحيان بمونديال الأندية ولكنه بالتأكيد ليس السبب الوحيد، وإذا كنا في الموسم الماضي قد التمسنا الأعذار فقد استنفدناها الآن بعد أن أثبتت المشاركة الثانية على التوالي أن ما حدث لم يكن فيه للمصادفة يد بل كان مقصوداً ومتعمداً.

فما يحدث أمر غريب والسكوت عنه هو الأشد غرابة وعندما ندمن المركز الأخير في كل مشاركاتنا وتتسابق أنديتنا على اختراق القاع من الأسفل فهو وضع خطير وما هو أكثر خطورة ألا نجد حراكاً في الجسد المريض ولا يوجد طبيب قادر على تشخيص الداء.

عندما نسقط بهذه الصورة الجماعية فنحن ننتزع من كبد الماضي ومن أرصدتنا التي ادخرناها الشيء الكثير ونحمل المستقبل مسؤولية أكبر في إصلاح التالف والبداية من نقطة الصفر أما الحاضر فنتجرع من كأس واقعه المؤلم ونتخبط في نهاره المظلم.

يقال إن الإنسان يحتاج في بعض الأحيان إلى صدمة كي يفيق ونحن نتلقى الصدمة تلو الأخرى ومع ذلك لا نسمع سوى الصمت المفزع، فهل فقدنا الأمل أم اعتدنا الألم، اختفت الأصوات فهل يا ترى الإحساس مات أم أن ذلك الجسد لم تعد به حياة ؟.


ralzaabi@hotmail.com