أتابع بحكم عملي أنشطة كثيرة ومتنوعة في الدولة من زيارات لرؤساء دول ووزراء أجانب الى مؤتمرات في مجالات مختلفة وورش عمل وغيرها من الفعاليات التي تحفل بها ساحتنا المحلية، وتعكس مقدار ثراء وغنى هذه الساحة من جهة والثقل الذي تمثله الدولة في هذه المجالات من الجهة الاخرى. إلا أن ما يفسد على الاعلامي المتابع لهذا النشاط أو ذاك طريقة تعامل شركات “البي آر” أو العلاقات العامة مع هذه الاحداث والفعاليات، وكيف تضرب حصارا على الاعلاميين ولا تتيح لهم الوصول الى المعلومة المطلوبة في الوقت المطلوب، لأنه بكل بساطة غالبية من يعمل في هذه الشركات لا علاقة له بالاعلام. وحتى لا يكون حديثي مرسلا دعوني اسوق بعض الامثلة، فذات مرة كنا نتابع خطاب رئيس دولة أجنبية تعد بلاده قوة عظمى في هذا العالم، وبعد ان انتهى من كلمته ذهبنا لمرافقه الصحفي لأخذ نسخة عنها، فإذا به يحيلنا الى الموقع الإلكتروني لرئيسه، اعتقدنا للوهلة الاولى أنها “زحلقة” للصحفيين على الطريقة العربية، ولكن المفاجأة وجود الكلمة بالفعل بعد دقائق من إلقائها. وذات يوم كنت في عاصمة غربية نغطي مؤتمرا عالميا عندما طلب المنظمون من كل صحفي التأكيد من صحة بريده الالكتروني، لنجد ان كل ادبيات المؤتمر وكلمات الوفود قد أرسلت لتكون تحت تصرف الاعلاميين لاستخدامها بالصورة التي تفيد التغطية الصحفية التي يقوم بها الصحفي للحدث.
مقابل هذه الصورة الاحترافية لخدمة الصحفيين هناك، تجد عندنا ممارسات “بي آر” ممن لا علاقة لهم بالاعلام. قبل أيام أرسلت شركة علاقات عامة خبرا عن فعالية نشرت الصحف ووسائل الإعلام اختتامها، بينما الشركة المعنية تتحدث عنها كما لو ان الحدث لا زال قائما.
وتولت شركة اخرى مؤتمرا مهما احتضنته الدولة وشارك فيه ممثلون لدول اجنبية، ومع ذلك رفضت الشركة الكشف عن اسماء المشاركين فيه !!. مشاهد وتصرفات تجري على يد هذه الشركات ولا نلومها قدر ما نلوم الجهات الرسمية والوزارات التي توكل مهاما غاية في الاهمية، وتتصل بصورة الدولة الى شركات كهذه، رغم وجود اقسام للعلاقات العامة وصحفيين ملحقين بها، ووجود متحدثين رسميين. ومع هذا يلجؤون لهذه الشركات وبعض العاملين فيها لا يفرقون في التعامل بين مؤتمر صحفي عن حدث سياسي أو اقتصادي وآخر للترويج لألبوم مغنية صاعدة. بل تجد بعض “البي آر” هؤلاء لا يتردد في الزعم بأن شركته على صلة بالرجل الاول في هذه الجهة الحكومية او تلك، لإحاطة نفسه وشركته بهالة أكبر من حجمها الحقيقي وللتغطية على تدني مستواها المهني في التعامل مع حدث كبير.
لقد عكرت هذه النوعية من الشركات مسار العمل الاعلامي في الدولة وشوهت طريقة الأداء الاعلامي، وهي تساهم في تكريس نوعية اتكالية من المنسوبين على الصحافة يكونون دوما في انتظار “البرس ريليز” او البيان الصحفي و”الهدية”، وكان الله بالسر عليما.
وأعتقد أن الوقت قد حان لوقفة جادة مع هذه النوعية من الشركات، في مسعى لتصحيح ولو بعض ما يجري على ساحتنا الاعلامية.


ali.alamodi@admedia.ae