بالأمس فقط أنهيت مهمتي في الإشراف على صفحات (من ذاكرة الروح) في ملف احتفال صحيفة الاتحاد بالذكرى الأربعين لقيام دولة الإمارات. بدأنا العمل قبل ثلاثة أسابيع من تاريخ النشر الذي وافق 24 أكتوبر، وبالأمس فقط أنهيت الملف الذي كانت فكرته رصد 40 خبراً في كل عام منذ إنشاء الدولة الاتحادية وحتى الآن، على أن تكون الأخبار ذات دلالات مضيئة في تكوين وبناء الدولة.
الأمر استدعى أن أنجز عامي 1971 و 1972 لكي أقدم نموذجا مناسبا لفريق العمل، ليكمل على أساسه باقي السنوات، وانصرفت لكي أنهي السنوات من عام 2010 و2009 و2008 و2007 و2006، ومتابعة -في الوقت نفسه- تحرير الأخبار -أو نقاط الضوء كما أحب أن أسميها- الخاصة بالسنوات الأخرى التي أنجزها فريق العمل، لضمان أنها تسير على نفس الخط المعد لها سلفا.
بعد ما يزيد عن خمسين يوما قرأت فيها ما يزيد عن 5000 خبر، استخدمنا منها فقط 1600 لنحكي قصة دولة بطريقة مبتكرة، وجدت نفسي وقد امتلأت بتاريخ هذا الوطن وازددت تقديرا لهذه النعمة التي وهبني الله إياها كوني إحدى بناته؛ إنه تاريخ يحكي ذاكرة روح، وكما كتبت في مقدمة العمل، إنها ذاكرة ليست كأي ذاكرة، إنها ذاكرة تبوح بتفاصيلها وتحيك خيوط شمس، وتغزل أشعتها لتشرق في أفق العالم بثقة الأمجاد. هذا ما شعرت به وأنا أتتبع تلك الغرز الصغيرة التي حاكها رجال عبروا من هنا فحفروا أخاديد في وجه المكان والزمان، وتفاصيل تحكي إرادة شعب وعزة وطن.
أربعون عاما خاضتها دولة الإمارات العربية المتحدة منذ نشأتها في سباق مع التاريخ، مع الجغرافيا، في سباق عاكس كل علوم الكون، ليخرج بنظرية جديدة تعلم أجيال المستقبل أن كل شيء يتحقق إن ملكت نفسك، وإن فعلت، فقد ملكت التاريخ والجغرافيا.
يبدو أن ملف (من ذاكرة الروح) سيقبع كثيرا في ذاكرتي، وودت بالفعل لو يلتصق في تجاويفها فلا أنسى تاريخا واحدا من تلك التواريخ التي تعاملت معها قرابة الشهرين؛ وتمنيت من كل قلبي لو يتعامل معها أبناؤنا بحساسية تتناسب مع عظمها، لأن تلك التفاصيل تجعلك وكأنك بالفعل أمام ولادة خاصة لمولود جديد؛ يبدأ في التنفس ثم يأخذ في النمو والحركة، لتجده بعد أعوام من الرعاية والحب في مصاف الأهم في العالم.


Als.almenhaly@admedia.ae