من الأهمية أن نغرس القيم النبيلة والخصال الحميدة والعلم والمعرفة في نفوس وعقول أطفالنا منذ الصغر، ونعمل على دمجهم بالمجتمع الحقيقي بكل تطوراته، فكما قيل” العلم في الصغر كالنقش على الحجر”. إن أفضل وأجمل النقوش ما نخطه ونرسخه في عقول فلذات أكبادنا، وجيل الغد، ومن نعول عليهم الكثير في الحفاظ على مكتسباتنا، والرقي بالوطن إلى العلياء، فبناء الأوطان يكون بإعداد أجيال المستقبل، وليس هناك أفضل إعداد من أن نؤهلهم، ونعمل على تدريبهم، وصقل مواهبهم منذ نعومة أظفارهم، كي يثمر زرعنا خيراً وفيراً، ونجني نتاجاً ناضجاً، يسهم في إرساء أركان دولتنا، ويضعها بين مصاف الدول المتطورة، ويواكب النقلة الهائلة التي يعيشها العالم، وكي نظل مواكبين لمن سبقونا، غير متخلفين عن ركب التطور والحضارة والرقي والبناء. من نماذج “النقش على الحجر” ما تشهده العاصمة أبوظبي، شرقها، حيث أرض المعارض، وغربها على ضفاف الخليج العربي، حيث الرمال الصفراء التي تغطي الكورنيش، إذ حول مهرجان العلوم بأبوظبي هذين المعلمين إلى قبلة علمية تجرى فيها التجارب، والعمليات الفيزيائية والكيميائية، ويشاهد فيها الأطفال والكبار التحولات والتجارب العلمية على أرض الواقع، بدلاً من سماعها في الحصص الدراسية، وقد أحسن المنظمون توزيع وإقامة الفعاليات التي استقطبت العديد من الزوار والطلبة، خاصة صغار السن، كما امتع الكبار ايضاً الذين حرصوا على متابعة تلك الفعاليات المنوعة، التي يسعى المهرجان من خلالها إلى جذب اهتمام الأجيال الصاعدة لمجالات العلوم والتكنولوجيا والابتكار، عبر ما يزيد على مائة وخمسين فعالية من أكثر الفعاليات العلمية إثارة على مستوى العالم، بما في ذلك المعارض التفاعلية وورش العمل الشائقة والعروض العلمية. وقد جندت الجهات المنظمة ما يفوق الـ500 مرشد علمي للتعريف، وشرح الاختبارات والتجارب باستخدام الأدوات والأجهزة الحقيقية لقاصدي وزوار المعرض. إن فعاليات المهرجان الذي يعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط، تعكس رؤية بعيدة المدى، فيها الكثير من الدلالات والمؤشرات، فهي لم تقم للترفية واستهلاك الوقت وتوفير متعة للأطفال والتسلية فحسب، بل أراها رسالة موجهة في المقام الأول لأولياء أمور الأسر بشكل خاص، وكذلك المؤسسات العلمية والتعليمية بضرورة الاهتمام بتقديم النظريات العلمية أولاً بطرق مشوقة، والاهتمام الحقيقي بالبحث العلمي والتجارب العلمية التي من شأنها توسيع مدركات أطفالنا وطلابنا، الذين يجب أن يتسلحوا بالعلم والمعرفة، والعمل على دعم وتبني أفكارهم وتحفيزهم على الإبداع وصقل وتنمية مهاراتهم وملكاتهم الإبداعية التي تظهر على الطلبة، خاصة في المراحل المتقدمة، وأن يعمل الجميع على تنمية وتطوير الأفكار الخلاقة والإبداعية، وتشجيع النشء على مزيد من الاكتشافات والاختراعات والابتكارات التي من شأنها أن تغير عالمنا وتطوره، وتؤمن مستقبلاً أفضل للأجيال القادمة. محمد عيسى | m.eisa@alittihad.ae