للمرة الثانية في أقل من شهرين تبحث اللجنة التنفيذية للمجلس التنفيذي مسألة إدارة نظام” مواقف” بأبوظبي، مما يعكس مقدار الاهتمام بنجاح هذا المشروع الحضاري الكبير الذي صادفته العقبات بسبب سوء إدارته، مما استتبع تغييرها من قبل اللجنة التي قررت في جلستها الأربعاء الماضي إسنادها لشركة “ساعد للأنظمة الذكية”، والتي نتمنى أن تكون اسماً على مسمى، تساعد معه في إنهاء أزمة خلقتها الإدارة السابقة للنظام بسوء إدارتها له، وابتكار الحلول الذكية للتعامل معه. وهي (الإدارة السابقة) مدينة للسكان في أبوظبي باعتذار جراء ما تسببت فيه من أزمة خلال الشهور الماضية. ولما قامت به من وضع العربة قبل الحصان”، فقد صبغت مداخل بيوت المواطنين في مناطق سكنية بألوان “الأصفر والرمادي” أي ممنوع الوقوف، ووضعت عداداتها أمام منازلهم، بينما خصصت لهم مواقف محدودة لا تستوعب سيارات سكان تلك المناطق. لا أحد يختلف على حضارية الفكرة وسمو الهدف الراقي، ولكن الطريقة السابقة في إدارة النظام أفرغته من هذا المحتوى التنظيمي، وحولته الى وسيلة لجباية الأموال لا أكثر. وهي تصر على أخطائها وتتوسع في خطوات وإجراءات من دون إيجاد بدائل. مواقف المناطق السكنية في كل أنحاء العالم مصانة، وتنظم مع إيجاد البدائل للأهالي المقيمين فيها، الا ما جرى عندنا على يد “مواقف”. وحتى الذين راجعوا مراكز خدمة عملاء “مواقف” فوجئوا بأن الموظفين لا دراية لديهم في كيفية التعامل مع السيارة الثالثة للساكن في هذه المنطقة أو تلك. أمام الإدارة الجديدة لنظام “مواقف” فرصة لمراجعة أخطاء الماضي، وإصلاح العلاقة المحتقنة مع الجمهور الذي تستهدفه الخدمة في المقام الأول، وهو الذي رحب منذ البداية بالنظام على أمل أن يحل أزمة مواقف السيارات في الوسط التجاري للعاصمة، وإذا بـ”مواقف” تضيف أزمة للأزمة من دون تمييز بين “السكني والتجاري” وحتى مناطق الحدائق ومواقف المساجد. في مدن ضخمة كنيويورك ولندن وطوكيو وحتى كوالالمبور، وبها سيارات أكثر من عدد السيارات في أبوظبي، لا تجد الأزمة بمثل هذه الصورة الصارخة التي تسببت بها “مواقف” عندنا. حيث أقيمت هناك شبكات كفوءة للمواصلات العامة، وتوسعت تلك المدن في بناء المواقف المتعددة الطوابق العادية منها أو التي تدار بالكمبيوتر بالكامل، ولا تحتاج لأكثر من شخص واحد للإشراف عليها. ودعمت تلك المدن الكبيرة خططها بتشريعات تنظم ترخيص امتلاك السيارات الخاصة. فالتدبير السليم يقتضي في البداية إيجاد البدائل للناس، ومن ثم محاسبتهم إن خالفوا، فالمسألة ليست سباقاً لصبغ أرصفة المناطق التجارية والسكنية، ونشر عدادات تحصيل التعرفة الخاصة بالوقوف هنا وهناك. قدر ما هي إرساء نظام حضاري يتفاعل معه المواطن والمقيم ويقبل عليه، لأنه ينطوي على فوائد ومزايا جمة تعزز البيئة الصحية التي يفترض أن يعيش فيها. أملنا كبير أن تسطر الشركة الجديدة التي ستتولى إدارة نظام “مواقف” صفحة جديدة في التعامل مع الجمهور، وتعيد للخدمة الوهج الحضاري المنشود والمرسوم لها. علي العمودي | ali.alamodi@admedia.ae