في ظل تخلي العديد من الأسر عن القيام بدورها وواجبها تجاه أبنائها، فيما يتعلق بتأمين الطعام الصحي لهم، وحثهم بل ومنعهم من تناول الوجبات السريعة لما لها من تأثيرات صحية سلبية، لم يبق إلا أن تتكفل الجهات الحكومية المعنية بالدولة بإعداد وجبات الطعام لأطفالنا، طلبة المدارس، حتى نتخلص ونحارب الخطر الذي يهدد ثلث أطفالنا، وفلذات أكبادنا ممن يعانون مشكلة الوزن الزائد، والسمنة المؤدية إلى الإصابة بمرض السكري، فآخر إحصائيات جهاز أبوظبي للرقابة الغذائية تقول إن نحو 12,1% من أطفال المدارس في الدولة يعانون زيادة الوزن، و21,5% مهددون بالسمنة التي تؤدي إلى مرض السكري، ورغم ذلك فإن الممارسات الغذائية الخاطئة لا تزال منتشرة بين الأطفال. وتعزو الدراسة أسباب زيادة الوزن بين الطلاب إلى عدم ممارستهم الرياضة أو الأنشطة البدنية، وتناول الوجبات الغذائية غير الصحية، والإفراط في تناول الوجبات السريعة، موضحة أن 26% من الأطفال في المدارس يقبلون على تناول المشروبات الغازية، في الوقت الذي تبلغ فيه نسبة الطلاب الذين يفضلون تناول الوجبات السريعة لأكثر من مرة في اليوم 18%، أي أن حوالي ثلث طلابنا يعتمدون على الوجبات السريعة، وما بها من سموم، وهو ما يؤدي إلى كل تلك الأمراض والمشاكل الصحية، التي يعانيها أطفالنا مبكراً، ولم نكن نعرفها، ولم تمر علينا. إن توجه الطلبة لهذا السلوك، غير الصحي، سببه الرئيسي غياب رقابة الأهل، وتنازلهم عن القيام بدورهم تجاه أبنائهم، الذين يركبون الموجة، وينجرفون خلف مثل هذه السلوكيات، دون معرفة ودراية كاملة بخطورة ما يقومون به. فالشاب أو الشابة المراهقة، أو حتى الأطفال من أعمار مادون سن المراهقة وحتى الثلاث أو الأربع سنوات لا يدركون خطورة إقبالهم على الوجبات السريعة، ونهمهم بها، وخطورة تلك السموم التي يكدسونها ببطونهم، وينشرونها في أجسادهم، فيما يبقى الأهل في موقف المتفرج، وهم مسؤولون ومسؤولية كاملة لما يحدث لفلذات أكبادهم، فدور بعض الأسر السلبي اليوم بات يمهد الطريق أمام صغارهم وكبارهم لهذا التوجه، ويكرس الشقاق والخصام بين الأبناء والوجبات المنزلية الصحية، والاستعاضة عنها بالوجبات السريعات، المشبعة بالدهون والسموم. لقد غابت سفرة العائلة ولمّتهم على وجبة الغداء، أو العشاء، فالأب في العمل، والأم قد تكون في عملها، وإذا لم تكن فهي إما أن تكون خارجة مع جارتها، أو في الصالون تستعد لمناسبة، أو تتسوق في أحد المراكز التجارية، وإذا ما جلست في المنزل، فإنها تتابع الأفلام والمسلسلات، التي هي لديها أهم من متابعة إعداد الطعام، أو تحضير وجبة الغداء أو العشاء للعائلة، ما دامت الخادمة جاهزة لتحضير الأكل للزوج والأطفال، فيما اعتاد الأولاد تناول وجبة الغداء مع أصدقائهم، والبنات “مسويات دايت وما يأكلن إلا “سيزر سلط” من المطعم الفلاني المشهور على الغدا، وحبة فراولة في العشا”. محمد عيسى | m.eisa@alittihad.ae