من الصعب التكهن بحقيقة القرار النهائي بشأن إعادة هيكلة شركتي أملاك وتمويل، على الرغم من أن الدمج أقوى السيناريوهات المقترحة. ولكن من المؤكد أن أحوال الشركتين ستكون أفضل مما كانت عليه قبل إعادة الهيكلة، وأصول الكيان المرتقب بعد الدمج ستبلغ قرابة 25 مليار درهم، ناهيك عن تراكمية الخبرة، وانخفاض الكلف الإدارية والمخاطر الاستثمارية، وتعاظم الحصة السوقية في قطاع التمويل العقاري، والحصول على دعم حكومي يعزز الملاءة المالية. وفي الواقع، أوضاع التمويل وتحديداً المتعلقة بالقطاع العقاري تمر في ظروف معقدة، وتتطلب كيانات ذات ملاءة مالية مدعومة بقاعدة أصول قوية قادرة على التعاطي مع تقلبات السوق. وفي الاتجاه ذاته، تشجع جهات رسمية على اندماج الشركات الصغيرة في قطاعات عدة، لضمان الاستمرارية، والقدرة على مواجهة الأزمات، ورفع سوية القطاع المستهدف. ويبدو أن شركات المقاولات ضمن تلك القطاعات، ففي أبوظبي مثلاً يحتم نظام التصنيف الجديد رفع رؤوس أموال الشركات، وبالتالي سيكون خيار الاندماج مطروحاً في حال رغبت تلك الشركات في تنفيذ مشروعات كبيرة الحجم، حتى لو كان جزئياً. والأمر ذاته حصل في العقارات، إذ تطلب تطوير البنية التحتية لمشروع بحجم جزيرة الريم بأبوظبي، إنشاء كيان مكون من ثلاثة من أكبر شركات التطوير العقاري بالعاصمة، بالطبع هذا ليس اندماجاً، ولكنه اتحاد مؤقت أوجد عملاقاً عقارياً بحجم “بنية”. وتنطبق الحال على قطاع الوساطة المالية، الذي تأثر بشدة إثر انحسار تعاملات السوق، وتعرض لخسائر يمكن تجنبها لو اندمجت بعض الشركات الصغيرة في كيان واحد محصن، الأمر الذي تدعو إليه هيئة الأوراق المالية والسلع باستمرار، وفي طريقه للتطبيق. ولا يمكن، بأي حال، تجاهل دور الأزمة المالية في توفير دوافع الاندماجات والاستحواذات، التي أثبتت جدواها خلال العقدين الأخيرين في تجاوز الأزمات المشابهة في السوق الآسيوية والأوروبية والأميركية. ولعل تجربة بنكي الإمارات ودبي الوطني دليل واضح على جدوى الاندماجات، فثمرة الاندماج أتاحت تكوين أكبر مجموعة مصرفية من حيث الأصول، وحققت وفورات مالية ضخمة. وبشكل موازٍ، هناك إصرار رسمي على تطبيق قواعد الحوكمة المؤسسية بمعايير عالمية، وذلك يوفر أجواء مواتية لإجراء الاندماجات والاستحواذات، التي يعتبر عدم الفصل بين الملكية والإدارة، العنوان العريض للحوكمة، أكبر العوائق في طريق تنفيذها، بسبب الخلافات على الصلاحيات والمناصب العليا. على القطاع الخاص أن يكون أكثر مرونة إذا أراد الخروج من عتمة الأزمة وتبعاتها، والاندماج أنجع المخارج. وعود على بدء، من الضروري أن يتفهم المساهمون أهمية تعليق أسهم شركتي “أملاك” و”تمويل” عن التداول، فتفاهمات إعادة الهيكلة ومفاوضات الاندماج حاضنة خصبة للشائعات المؤثرة على سعر السهم، صحيح أنه مر 16 شهراً على وقف تعاملات الأسهم، ولكن العلاج يجب أن يكون جذرياً ومحسوباً، لضمان حقوق هؤلاء المساهمين، والمؤشرات تؤكد أن الفرج قد اقترب. بهاء هارون | baha.haroun@admedia.ae