أتمنى كما يتمنى كل مستهلك في الدولة أن تساهم الإجراءات التي أعلنت عنها وزارة الاقتصاد مؤخراً، وتحذيراتها بشأن التنزيلات، في استعادة الجمهور ثقته في هذه الكلمة التي فقدت معناها تماماً في أسواقنا، جراء إصرار البعض على محاولاته إقناعنا بأن تنزيلاته متواصلة على مدار العام، ولا تقل نسبتها عن 70%. فقد حذرت الوزارة متاجر التجزئة مما اصطلح على تسميته بالتنزيلات الوهمية، وقالت إنها ستخالف تلك المحال، وفق اللائحة التنفيذية لقانون حماية المستهلك، والتي تتراوح الغرامات المالية لها ما بين 5000 - 100 ألف درهم، وقد تصل الغرامة إلى حد إغلاق المحل إذا ما تكررت المخالفة. ونتمنى فعلاً أن تظهر الإدارة “العين الحمراء” لهذه النوعية من المحال التجارية التي شوهت الصورة العامة للأسواق في الدولة. والذين زاروا دولاً أوروبية والولايات المتحدة، يدركون كيف أثرت التنزيلات الحقيقية الموسمية هناك في سلوكيات المستهلكين والمتسوقين، الذين باتت شرائح واسعة منهم ترجئ شراء احتياجاتها غير العاجلة من كماليات حتى موسم التخفيضات المقبل للاستفادة من العروض المقدمة فيها. وتنقلنا وكالات الأنباء والفضائيات إلى مشاهد طوابير طويلة من البشر ينتظرون وسط أجواء الصقيع أن تفتح المحال أبوابها ليكونوا من أوائل المتسوقين فيها والمستفيدين من العروض التي تقدمها. بينما تقوم بعض المحال التجارية عندنا ليس بتضليل المستهلك فحسب، وإنما بتعريض حياته للخطر. كما حدث ذات مرة عندما أعلنت سلسلة شهيرة لبيع المنتجات الإلكترونية والأدوات الكهربائية عن افتتاح أول فرع لها في أحد المراكز التجارية بالعاصمة. ونشرت إعلانا بعروض “تحطيم الأسعار”، فإذا بأمواج من البشر تغمر المركز، ويضطر المحل للاستعانة برجال الأمن لتنظيم دخول الناس الذين كاد بعضهم أن يغمى عليه من فرط الازدحام. وقد اكتشفوا أن الإعلان كان لمجرد جر أرجلهم للمكان، فالعروض كانت على أنواع معينة من السلع المعروضة، ليس ذلك فحسب وكانت لأول دفعة من المتسوقين. كما أن المعلنين يحمون أنفسهم بتلك العبارة التضليلية بأن العرض “يسري حتى نفاد الكمية”. والذين نظموا هذه الحملة الترويجية لم يهتموا كثيراً إذا كان ذلك المركز التجاري تتوافر فيه تسهيلات الأمن والسلامة أو به مخارج كافية للطوارئ، إذا ما دعت الحاجة إلى ذلك. وكان يوما حافلا تنفست إدارة المركز الصعداء أنه مر على خير، ومن دون وقوع ضحايا. ولكنه كان درساً للجميع نقرأ منه حقائق عدة، في مقدمتها ضرورة احترام المستهلك بعروض ترويج حقيقية لا تدليس أو تضليل فيها، ونبهت إدارات الدفاع المدني والشرطة إلى ضرورة متابعة مثل هذه الحملات الدعائية التي تتسبب في وجود أعداد هائلة من البشر في حيز محدود يفتقر لوجود مخارج للطوارئ بصورة كافية. نجدد تمنياتنا بأن تعود إلى كلمة التنزيلات بريقها الذي تستمده من ثقة الناس بها وبالمتاجر التي تعلن عنها، بعد ما شوهت هذه الكلمة بتصرفات وسلوكيات كالتي أشرت إليها، وذلك لا يتحقق إلا بالحزم من جانب الوزارة، والتعاون والتنسيق الكامل مع دوائر البلديات والتنمية الاقتصادية، ووعي الجمهور الذي يفترض أن يساهم بقوة في كشف المتلاعبين. ali.alamodi@admedia.ae