قضية التلاعب والغش التجاري والتحايل و”الضحك على الذقون” والعمل على مضاعفة المكسب بأي طريقة، شرعية كانت أم غير ذلك، ليست جديدة، فقد ظلت ظاهرة مستمرة لا نهاية لها، بسبب التجار أصحاب النفوس الضعيفة، والضمائر الغائبة، والذين لا تهمهم معيشة الناس ولا المجتمع ولا أي شيء آخر، فهؤلاء التجار ظلوا كالبعبع جاثمين على قلوبنا وصدورنا، وأعتقد أننا لن نتخلص من مكرهم وألاعيبهم، ويجب علينا، في كل مكان وزمان، مواجهتهم والتصدي لهم، وكشف حيلهم وأفكارهم المجنونة ومراوغاتهم للنظم والقوانين. والتصدي لحيل هؤلاء وجشعهم، يتطلب منا جميعاً القيام بواجباتنا تجاه أنفسنا والمجتمع، بأن لا يسيل لعابنا، ونتهافت على الأسواق، ونتدافع على المحال التجارية، كلما سمعنا عن تخفيضات هنا، أو تنزيلات هناك، وأن نحكم عقولنا، وألا نتبع أهواءنا، وأن نكبح جماح رغباتنا التي لا ولن تتوقف، وأن نعلم بأن النفس كالطفل، الذي يشب على حب الرضاعة وإن تفطمه ينفطم. كما يتوجب علينا أن نكون أذكى من أن نقع في الشباك التي تنصب لنا كل يوم في أغلب المحال والمراكز التجارية التي يسعى أصحابها إلى مضاعفة أرباحهم وتحقيق مزيد من العوائد، وذلك على حسابنا، والغريب بطرق يستغفلوننا فيها ويضحكون علينا من خلال شعارات وإعلانات خادعة وتنزيلات وحسومات وتخفيضات واهية غير حقيقية. ومن طرائف وعجائب النصب التجاري، والتحايل على عباد الله على مسمع ومرأى الجهات الرقابية والمعنية، التنزيلات التي لا تنتهي، فهناك محال منذ أن عرفناها والتنزيلات لم تنته عندها، لا صيف ولا شتاء، وهناك من المحال التي أجرت تصفية شاملة على جميع الملابس والبدلات الإيطالية والقمصان وغيرها من الملبوسات بحجة هدم البناية، والانتقال إلى المحل الجديد الذي طال انتظار الانتقال إليه ولم يتم إلا بعد سنين عجاف، وهناك محال لا تنتهي العروض لديها، فطوال الموسم العروض مستمرة فيها، فهي في حالة استنفار دائم، وكله ضحك على الناس وتحايل على القوانين والنظم. يوم أمس الأول حذرت وزارة الاقتصاد من تخفيضات وهمية، ادعتها محال بمناطق مختلفة بالدولة، وذكرتنا بأن لديها قوانين صارمة بحق من تسول له نفسه التلاعب والغش، وبأن هناك غرامات تبدأ من خمسة آلاف إلى مائة ألف درهم، وتصل إلى إغلاق المحل، وهو كلام طيب، ولكننا لم نسمع يوماً أن الوزارة أو الجهة المعنية قد قامت بإغلاق محل لأنه خالف لوائح التنزيلات وتلاعب بالأسعار!!، فهل ذلك يعني أن التجار لدينا ملتزمون جداً ومحافظون على جيوب المستهلكين، ويراعونهم أكثر من مراعاة المستهلك لنفسه، أم أن الأمر يتم بطريقة سرية “سكيتي” بين التاجر والوزارة ولا دخل للناس بهذا الأمر؟. إن الإعلان عن العقوبات وذكر أسماء المحال المخالفة، باتا اليوم ضرورة ليكونا رادعاً لكل من تسول له نفسه العبث والتلاعب بأمن وسلامة ومصلحة المجتمع واستغلال أفراده. وعلى الوزارة أن تغير من طرق تعاملها وتعدل من لوائحها لتعمل على إعلان الأسماء لتوضح للناس من يتلاعب بهم ومن يستغلهم ومن يغشهم. m.eisa@alittihad.ae