إعلان مجلس أبوظبي للتعليم عن تطبيق النموذج الموحد في مدارس الإمارة والتعليم المزدوج للغتين العربية والإنجليزية واعتماد الأسلوب التحليلي في التفكير بدلاً من الحفظ والتكرار والاجترار، إنما هي خطوة باتجاه المستقبل وخطة تدعم التفكير وتمنحه الحق في التأمل والتحليل والتفسير والخروج من براثن الحفظ القديمة والتي لا تدعو للإبداع ولا تقدم مفيداً في مجال التعليم. هناك خطوات جريئة وصارمة خطتها العملية التعليمية في بلادنا وأولاها تعليم مادتي الرياضيات والفيزياء باللغة الإنجليزية، ونتمنى لهذه العملية أن تستمر بنجاح وأن يتوافر لها الظرف المناسب لكي يأخذ الطالب حقه من الاستيعاب والفهم وأن يتخلص من إرث تاريخي قديم استمد أسلوبه في التعليم من الشرح المفصل والمبطن بغوامض الموضوعات، نتمنى أن نخرج من الماضي بتوفير مدرسين أكفاء قادرين على مواكبة التطور، جديرين بتبوؤ مهمة التدريس الحديثة، متفهمين معنى أن يصبح الطالب مفكراً لا حافظاً، مكرراً مجتراً.. ولا أجد صعوبة في ذلك إذا توافرت العزيمة وأُسندت الأمور إلى من يستحقها ويستطيع أن يتجاوب معها بوعي ومسؤولية. العالم تغير والكرة الأرضية لم تعد جغرافيا وتاريخاً بقدر ما هي إلى جانب هذا وذاك أيضاً فيزياء وكيمياء ورياضيات، هذه العلوم بحاجة إلى عقول متبصرة، متدبرة مفكرة ومحللة ومفسرة.. الطالب اليوم بحاجة إلى أن يكون شريكاً في وضع الحلول وجزءاً من القاسم المشترك في التعليم، ولا يمكن أن نخرّج مبدعين ومخترعين ونابغين ونحن نحرم العقول الخضراء من التقدم إلى الأمام وتقديم الأسئلة عن الإجابات. طالب اليوم بحاجة إلى فتح الصندوق الأسود والكشف عن قدراته وإمكاناته، وهذا لا يتأتى إلا بإعطائه الحق في المشاركة في صنع قرار المادة التي يتعاطاها وأن يكون جزءاً من العملية التعليمية إيجابياً لا سلبياً.. نقول القديم انتهى وتوارى.. وذهب بعيداً ونحن أبناء اليوم، أبناء الغد الذي ننتظره بأن يكون معنا لا علينا، والطالب الذي يصحو باكراً من أجل الدراسة يجب أن يعود محصلاً ومحملاً بالفهم لا بأعباء الحقائب التي تحني عمود الظهر وتكسر الرقبة. خطوة مجلس أبوظبي للتعليم موفقة بل رائعة؛ لأنها تضع المسؤولية على عاتق من يتحملها، ونتمنى أن تعمم الفكرة وأن تصبح مدارس الدولة جميعها تسير في الطريق نفسها؛ لأن الآمال معلقة على الجميع بأن تصبح جميع مدارس الدولة ضمن قاسم مشترك واحد، ألا وهو الطالب الإماراتي.. أن يكون مبدعاً، فاهماً، واعياً، مواكباً لحركة التعليم في العالم.