تعجبني الأفكار الصغيرة التي يبتدعها أبناء وبنات الإمارات في مجال الأعمال الصغيرة والبدايات الطموحة، تعجبني لأنها تعبر عن روح محبة للعمل أولاً، وعن ذهنية غير تبريرية ثانياً، والتبريريون هم أولئك الأشخاص الذين يحمِّلون الواقع والحكومة والمجتمع ونظام التعليم أسباب عدم حصولهم على عمل أو وظيفة في بلادهم مثلاً، ولذلك فهم محبطون ومنسحبون من الحياة وساخطون على كل شيء، ولنتفق بأن هناك بعض الحق مع هؤلاء في تبريراتهم، ولكن ليس كل الحق.
لنتفق على أن من حق كل شاب يتخرج من الجامعة أو يمتلك مؤهلات وظيفية مناسبة أن يجد وظيفة في بلده أو أن توفر له جهة الاختصاص وظيفة ملائمة كي لا يبقى عالة أولاً، وكي لا تتفاقم أعداد العاطلين فيشكلون معضلة اقتصادية، تتحول مع مرور الزمن إلى أزمة اجتماعية وتالياً تصير إشكالية أمنية بلا شك، لكن يحدث في مجتمعات الوفرة أو الاقتصاد الحر والأسواق المفتوحة أن تحدث اختلالات كبيرة تعرقل سير المعادلة كما يجب فتسقط الجهات المسؤولة أمام الاختبار ويصير توفير فرص العمل مشكلة حقيقية، عند ذلك ما هو المخرج السليم ؟
إذا كنا أكثر ديناميكية ونمتلك عقليات عملية فإننا سنذهب للأمام مباشرة، سننطلق للنقطة “ب” ولن نتوقف طويلا كي نبكي على الزمن الذي ولى يوم كانت الوظائف على قارعة الطريق، حيث لم تعد الوظائف على قارعة الطريق بعد اليوم، هناك تبدلات واختلالات سكانية، هناك طلب كبير من الشباب على الوظائف والمعروض أقل بكثير من الطلب، وهناك أزمة اقتصادية وتوجه لتقليص أحجام الكوادر البشرية في الكثير من المؤسسات، إذن فالأمر هنا يحتاج من الشباب إلى روح الانطلاق بجرأة وليس البكاء على اللبن المسكوب !!
هناك أفكار صغيرة يحتاجها الناس ويقبلون على منتجاتها بشكل كبير، هناك أفكار يحبها الناس لأنها جديدة أو لأن أصحابها شباب أو لأنهم شباب البلد، فيندفعون لتشجيعهم والتفاعل مع أفكارهم، ويوماً إثر آخر تتحول الأفكار الصغيرة إلى مشاريع مدرة للأرباح ومثيرة لروح الحماس والتحرك الإيجابي، بعيدا عن روتينية الوظيفة والشكاوى التي لا يكف الموظفون عن إطلاقها حول الملل والتعب والصراع وعدم التقدير و...، الحكاية تحتاج إلى جرأة ومغامرة وإيمان بأن حركتك متناغمة مع حركة الكون وبأن طاقة إيجابية تسكنك لتصل إلى ما تريد، وستصل.
الإيمان بالهدف هو السر، الذي تحدث عنه كتاب “السر” الشهير، وهي القناعة الكبرى التي ينشرها ويتحدث بها الروائي البرازيلي الشهير باولو كويلو أن “آمن بأحلامك وسوف تتحقق بالتأكيد” ارتكازاً على المبدأ الذي نؤمن به كمسلمين “تفاءلوا بالخير تجدوه” انطلاقاً من الآية الكريمة “إن الله لا يضيع عمل عامل منكم....” من هنا تعجبني كثيرا حماسة هذه المشاريع الصغيرة والحميمة التي يروج لها أصحابها عبر الإنترنت والبلاكبيري، بحماس وإيمان لا يتزعزع، بعيدا عن تلك النظرة الدونية للعمل اليدوي الصغير والذي سيكبر بالصبر والأمل.
إن انتظار هاتف الموارد البشرية في المؤسسة الفلانية يبشر بوظيفة مرموقة، قد يطول وقد لا يأتي الهاتف، لكن ذلك ليس نهاية العالم، فالحياة مليئة بالفرص، حتى وإن كانت الوظيفة حقك الأكيد، لكن لا تجعلها قيدك وكابوس حياتك.


ayya-222@hotmail.com