هناك أمور كثيرة في حياتنا نفعلها ونرددها وذلك دون أن نتأكد من صحتها، ونتعامل معها على اعتبار أنها من المسلمات التي لا تقبل الخطاء أو النقض، على الرغم من أنها تعتبر أخطاء واضحة وصريحة لا يجب أن نقع فيها. لعل السبب يكمن في العادة، فالإنسان كما يقال أسير عاداته، وبعض العادات تنتشر أكثر من غيرها، خاصة إذا كانت من الأخطاء الجماعية والشائعة، وما أكثرها في حياتنا. سبب هذه المقدمة مجموعة من رسائل البريد الكتروني وصلتني مؤخرا، وترصد مجموعة من الأمثلة المحرمة التي اعتاد معظمنا على ترديدها، ومع الوقت تحولت إلى واقع في حياتنا اليومية، وتناسينا أنها لا تجوز. أذكر بعضا منها للتدليل وعلى أمل أن تعم الفائدة، ومنها قول: «رزق الهبل على المجانين»، وهو بلا شك مثل فاضي ولكنه للأسف دارج، هل يعقل أن المجانين والذين لا يستطيعون تدبر أمورهم، يملكون رزق غيرهم، وكلنا يعلم أن الله وحده هو الرازق. ويقال «لا يرحم ولا يخلي رحمة ربنا تنزل». وهذا المثل لو فكر الواحد منا فيه قليلا قبل أن ينطق به، لما قاله على الإطلاق، من هذا المخلوق الذي يستطيع أن يمنع رحمة الله. ونسمع قول «ثور الله في برسيمه»، وهو من الأمثلة الغريبة العجيبة التي تدفع للتساؤل: هل هناك ثيران لله وأخرى للبشر؟! وفي العزاء يقال «البقية في حياتك»، ولا أعتقد أن أحدا يعرف ما هذه البقية، ومن أين سوف تأتي لصاحبها، وكلنا يسلم أن لكل أجل كتاباً، وموعداً معلوماً لا يتقدم ولا يتأخر عنه ساعة. ولدرء الحسد، يقال «امسك الخشب»، وعندما تفكر قليلا في المعنى تجده أمرا مضحكا، «شوه» هذا الخشب الجبار الذي يملك القدرة على منع الحسد، ولماذا الخشب بالذات، ولم يقل امسك الحديد أو الجدار أو الخرسانة أو أي مادة أخرى أقوى من الخشب بعشرات المرات، وكلنا يعرف الحقيقة أننا إذا أمسكنا الخشب أو لم نمسكه، فإنه لن يغير من قدر الله شيئا. ما تقدم غيض من فيض، وهناك أمثله كثيرة مشابهة ما نزال نرددها، على الرغم من أن التفكير قليلا في معناها يكشف فداحة الأخطاء فيها. Saif.alshamsi@admedia.ae