قديماً قالوا: ليس من رأى كمن سمعَ، وما زلنا نقول في كل مناسبة يختلط فيها الحابل بالنابل، ويكثر القيل والقال، ويلتقي الفرقاء تحت «خيمة المصالح»: كل يغني على ليلاه، مثلما كانت الحال بأحد البرامج، شاء حظي العاثر أن أشاهده لأكثر من مرة، وكانت رياضة الإمارات، وخروج منتخب الإمارات من تصفيات المونديال هو شغله الشاغل، لأفاجأ بعدد من أبناء الإمارات، يكيلون الاتهامات، كل للآخر، وحاولت كثيراً أن أتعامل مع الأمر بحسن نية، وأن أخرج بما يفيدني، فإذا بالأمر ليس إلا «كلام ميمع»، وما قيل من قبل مرات ومرات، نعيده بصيغة أخرى، ولم يزد عليه سوى تلك النبرة التي لم استسيغها من إخواني المتحدثين، والتي وصلت في مرات كثيرة، حد التجريح تارة، والاستهزاء تارة أخرى، وعدم الإلمام بجوانب الأمور في ثالثة، والبحث عن المصلحة في كل ذلك. كلنا آلمنا ما حدث للمنتخب وخروجه من التصفيات، لكن ذلك، يجب ألا ينسينا ثوابتنا، وأهمها أن نحفظ لهذا البناء الرياضي ثباته، وألا نهاتر بعضنا، أو نصبح مادة إعلامية مثيرة ليس إلا، مثلما حدث ومثلما آلم الكثيرين مثلي، ممن أحزنهم أن يروا أبناء الإمارات، وهم في «ضرابة على الهواء»، بين من يجلس في الاستديو ومن يصرخ على الهاتف، ومن أكرمه رب العباد، فبات على «الستالايت»، ينظّر ويفند ويحلل، وهو الذي كان بالأمس في طي النسيان. في البرنامج، كانت المصالح تتصالح، فكل يدافع عن وجهة النظر التي تخدم توجهاته، أما عين الحقيقة فلم ينظر إليها أحد ولم يهتم بها أحد، وكل ما ساقوه، هو ما يتردد دائماً في مثل هذه المناسبات، بداية من دور المدرب في الخروج، ومروراً بالدوري الضعيف، وما فعله الأجانب بعد أن سرقوا الفرصة من اللاعب المواطن، وتوقفات الدوري، واللجنة الفنية، وحتى «سقف الرواتب» زادوه هذه المرة، وما كان إيجابية في زمن ما، بات سلبية في هذا الزمان، والعكس صحيح، وحاولت كمتابع أن أقف على جديد أو أستمع إلى حل وعلاج، ولكن للأسف لم يحدث ذلك، وحتى الحلول، كانت لمشاكل أشخاص، وعقد، سواء حديثة أو قديمة، دون أن تتجه إلى الصالح العام، الذي هو المنتخب، فقد تداخلت الأمور، بين باحث عن كرسي أو منصب، ومتشفٍ من عهد أحاله إلى «الظل»، ومن يصفي حساباته مع أشخاص ولوائح، لأنهم وقفوا ضد رغبة له أو طموح شخصي لم يتحقق. لست أدري لماذا نريد أن نضيف على الخسارة، خسارة جديدة، ولماذا ونحن ننتقد من أخفقوا بعد أن اجتهدوا، نخفق مثلهم، لكن المشكلة أن اللاعبين أخفقوا في ميدان «اللعب»، وبعد أن فعلوا ما يستطيعون، بينما نحن نخفق في ميدان «الكلمة» التي يجب أن تكون مسؤولة، ومنزهة عن الهوى، وأن تكون خالصة لله والوطن. لقد جربنا كل شيء من أجل المنتخب، منعنا الأجانب في وقت ما، وقلصنا عددهم في وقت آخر، وزدناهم، ومنعنا التعاقد مع حراس المرمى، وشكلنا اللجان، وعقدنا المؤتمرات، ووضعنا الخطط، مثلما يفعل غيرنا، لكننا لم نوفق، وفي كل مرة، نعيد الكرّة، وكأننا ننسى.. أو كأننا بلا ذاكرة أصلاً، ومثلما لا يتعلم الفريق الدرس، نسير على دربه. كلمة أخيرة: ليس عيباً أن تخسر بطولة .. العيب أن تخسر أمام نفسك mohamed.albade@admedia.ae