في قصة طروادة الشهيرة سقط البطل الأسطوري “اكيليوس” عندما تلقى سهماً في وتر عضلة الساق، وكانت هذه الإصابة سبباً في موته بعد أن قاد الإغريق لهزيمة طروادة، ومن هنا جاءت تسمية هذا الجزء من الساق بوتر “اكيليوس”، وقبل أيام سقط الإنجليزي ديفيد بيكهام على أرض الملعب في اللحظات الأخيرة لمباراة فريقه ميلان أمام كييفو في الدوري الإيطالي بعد إصابته في “وتر اكيليوس” أو وتر بيكهام، ليخرج على قدم واحدة ويدرك أنها نهاية الحلم بالنسبة له للتواجد في كأس العالم القادمة. كان الموقف حزيناً كما يصفونه في غرفة الملابس بعد نهاية المباراة وعلى الرغم من فوز ميلان واقترابه من الإنتر المتصدر بفارق نقطة لم يكن هناك بسبب للبهجة في المكان وسادت حالة من الحزن تأثراً بإصابة بيكهام ودموعه. بكى بيكهام وهو الذي حقق في كرة القدم ما لم يحققه لاعبون يفوقونه مستوى وإمكانيات، بكى وهو أغنى لاعب على وجه الأرض، والأكثر تمثيلاً لوطنه، بكى وهو الذي لعب في أقوى ثلاث دوريات عالمية وفي جعبته الكثير من الألقاب. بكى لأنه فقد فرصة التواجد مع إنجلترا في كأس العالم وهو الذي بذل الغالي والنفيس في سبيل هذه الفرصة حتى قيل أنه دفع من حر ماله لكي يلعب مع ميلان ليبقى تحت أنظار المدرب كابيللو، بكى لأنه لن يستطيع أن يساعد بلده ولن يتمكن من إضافة كأس العالم إلى سجله، بكى لأنه لن يواصل تحطيم الأرقام ولن يستطيع الانفراد بالرقم القياسي الإنجليزي للمشاركات، وبكى لأنه وهو في الخامسة والثلاثين وحقق في حياته ما حقق ولا يزال متعطشاً للمجد متلهفاً للدفاع عن قميص البلد. شارفت فصول رواية بيكهام على النهاية وفيها دروس هائلة للاعبينا، ففيها العبرة عن لاعب أراد أن يكون خارقاً للعادة وبالكفاح والإصرار حقق مراده ومع كل مجد كان يقول هل من بعد، ولم يتوقف عن ترديد هل من مزيد. لم يبك بحثاً عن المال ولا الشهرة فهو يمتلك منهما الكثير ولكنه كان يبحث عن مجد عام وآخر خاص، عام لبلاده وخاص له ولأولاده وأحفاده. يبكي بيكهام، ويضحك علينا ذلك اللاعب المغمور الذي يعلن تململه عندما يتم اختياره لتمثيل وطنه، ويتذرع بالأسباب ويختلق الأعذار وبحجة إتاحة الفرصة للدماء الشابة، وهو في حقيقة الأمر يفكر في ناديه ويضن على بلده بموهبته وبكل حبة عرق يفرزها جسده. فيا لاعبينا الكرام هلا تعلمتم قليلاً من دموع بيكهام.