منذ نشأة الدولة، لم توفر مؤسسات ثقافية إماراتية الجهد لنشر التأليف الإماراتي في كل القطاعات، والأدب منه خصوصاً، لما يمثل من واجهة تعبيرية لبنى الحراك الاجتماعي، وقد تفاوتت الظروف من مؤسسة إلى أخرى، فالدولة في ميلادها وفي خضم تطورها السياسي والاقتصادي ليس بمقدورها تلبية أكثر الأشكال اكتمالاً وتطوراً، سوى بالسعي الحثيث كلما سنحت الفرصة، وهي عملية لا يديرها القصد الجبري، بقدر ما ينتجها كل حراك جديد مضافاً إلى ما قبله، وهكذا حتى تكون هناك قوالب أنضج للتعامل مع موضوع ما. في هذا السياق تجيء “سلسلة قلم” للأدب المحلي، التي ترعاها هيئة أبوظبي للثقافة والتراث، لما تمثله الفكرة من حاجة الأدب الإماراتي لتسليط الضوء عليه؛ من خلال تجميعه ككتلة مقصودة الاتجاه، لأجل أن يُرى ضمن مشروع يُعَجِّل نسبياً بوضعه في دائرة الضوء. فهذه السلسلة تأخذ (شكل مؤسسة) تقوم على (تَبَنِّي) كُتَّاب وأعمال، بل واكتشاف مواهب، إذ تقوم بتوثيق (العمل الأدبي التأليفي) للساحة الإماراتية، تجميعاً لشتات النصوص؛ القديم منها والمستجد على رف واحد، يسمح للكتاب أنفسهم والنقاد والأكاديميين بمتابعة مؤشرات البدايات والطفرات، وبالتالي العمل على اقتراح التحولات الممكنة تأليفياً، مما يضع الجميع في إطار من التفاعل دون الاعتماد فقط على النظرة الفردانية لكل عالم خاص. إنه وبكل بساطة (مشروع اجتماعي مُتعدد الفوائد)، يتيح للثقافة بشكلها العام التواجد ضمن فاعلية المُنْجَز، ويفيد المؤسسة التعليمية من جوانب كثيرة، أهمها اعتماد واضعي المناهج على الروح العامة لهوية المنتج اللغوي الأدبي، كرافد من روافد التفكير في ذات المكان، تاريخياً ونفسياً. كما أنه من المفترض أن تدفع “سلسلة قلم” بالحس النقدي التأليفي، لتناول النصوص كمشروع وليس ككتاب، بما أن عامل التأليف النقدي الإماراتي لا يزال في الخط صفر، ويحتاج إلى داعم مؤسساتي لدفعه إلى المقدمة. نضيف إلى كل ذلك الإمكانية التي من الممكن أن ترعاها السلسلة لإظهار خطابات أدبية أخرى، وحث أخرى على الظهور. إن كل ذلك وغيره يساهم في استكمال المشهد العام للدولة كزينةٍ وكمساهمة في تأريخها جمالياً. ورغم ذلك فلا غنى أبداً عن ظهور نشري آخر في كل المؤسسات، بل وفي دور نشر خارجية، فكل هذا يتعاضد لصالح المشهد الكتابي.