الوفاء دوماً لأهل العطاء، والانتماء دوماً للذين يبذلون ويعطون ويضحون من أجل الوطن.. كان يوماً بهياً زهياً وافياً متكاملاً للتعاطي مع الإنسان، ونذكره يوم تكون الذكرى ناقوساً يدق في عالم يحتاج إلى الذاكرة التي تمنحه قوته وبريقه وتمنحه تأكيد الذات. يوم وفاء وزارة التربية للذين ربوا ونشأت على أيديهم أجيال، كثير منهم أصبح اليوم الطبيب والمهندس والمدرس والموظف المسؤول.. جاء التكريم ليكرس واقع الإنسان في الإمارات، ووفاءه وتفانيه من أجل الناس أجمعين.. اغرورقت الدموع في عيني عندما شاهدت الطفل اليتيم ابن إحدى اللواتي خدمن في مضمار التربية.. وكذلك ذلك الرجل الذي زحف الشيب على سمرته النقية، وجاء ليتذكر ماضياً - ولى بعد أن حمل معه ذكريات الأمس وتفاصيل أوراق العمر. مشهد يضفي على القلب مساحة خضراء ويحيي عظام الزمن الرميم، ويعيد للعقل نضارة الأحلام عندما تتجدد بصدق وحق وحقيقة، وعندما تمتد يد الأوفياء لتصافح من كدوا وكدحوا وصرحوا عن ضمائر ما كلت وما تعبت من العطاء إلا بعد أن أعلن العمر تقاعده طالباً استراحة المحاربين الأوفياء الأنقياء الذين اتقوا ربهم في حفظ الأمانة والذين حاكوا ضمائرهم في خدمة الوطن والذين تراهم أغنياء تعففاً وترفعاً عن الصغائر والكبائر.. أبناء الوطن الذين كرمهم وزير التربية، جاؤوا كفراشات من كل نواصي البلد وزواياها وقراها، جاؤوا ليقفوا على منصة التكريم، ليحفظوا تلك الجوائز البسيطة بقيمتها العالية معنوياً للأبناء، والذين سيأتون من بعدهم.. صحيح أن دورة الزمن تدور بسرعة الريح، إلا أن الذاكرة النبيلة لا تنسى ولا تشيح جانباً عن كل من مدوا الوطن بمداد العمر، وأسقوه من عرق الجسد، وخصبوا ترابه من أثر الأقدام التي هرولت من أجل سرعة الإنجاز، ومن أجل الإمساك بلحظة المجد.. المجد للوطن، والذين يعرفون الانتماء أنه وفاء، وصدق وعطاء بلا حدود، ولا سدود، ولا ردود ولا صدود. أبناء الوطن الذين كرموا والذين هتفت لهم قلوبنا فرحة وصفقت لهم أيادينا بهجة واعتزازاً وفخراً، إنهم الجذور التي نتباهى بها ونتماهى معها ونرى أنفسنا في بريق عيونها اللامعة بدمعة الوقوف لحظة التذكر.. أبناء الوطن هؤلاء هم القلم وما سطره من جاء من بعدهم، هؤلاء هم العشاق الذين وصفوا قصائد الحب في دفاتر العمر، لتقرأها الأجيال من بعدهم وتفرض شجونها وشؤونها. شكراً وزارة التربية، وشكراً لكل الذين يتذكرون ولا ينسون.