ينطلق اليوم الأحد أسبوع المرور السادس والعشرون بدول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والذي يستمر حتى الثامن عشر من الشهر الجاري، ويقام هذا العام تحت شعار” احذر أخطاء الآخرين”. 26 عاماً ونحن نحتفل بأسابيع المرور بصورة خليجية مشتركة، ومن قبلها كانت لنا أسابيع المرور المحلية، وكانت تشهد حملات تفتيش على صلاحية السيارة وسلامة المستندات من ملكية ورخصة قيادة. وبعد أن توسعت المدن وكبرت، أصبحت نقاط التفتيش معيقة لحركة المرور، فاستبدلت تلك الحملات بالتركيز على التوعية وإقامة الفعاليات الكرنفالية التي اختصرت أيام الأسبوع إلى ثلاثة أو أربعة أيام. ومع كل هذا الحشد الإعلامي والتوعوي لدوائر المرور في مختلف مدن الدولة، يظل التحدي الأكبر متجسداً في مدى نجاح وقدرة هذه الحملات على الوصول للفئات المستهدفة، رغم أنها تجري بلغات عدة عربية وإنجليزية و”أوردو”، ومع هذا يمر علينا نحو أربعة عقود وما زلنا ندعو السائقين إلى “الحذر من أخطاء الآخرين” أو”ترك مسافة بين السيارة والأخرى” وغيرها من بدهيات يفترض الإلمام بها عند القيادة. الخميس الماضي مررت بمنطقة غنتوت على الطريق بين أبوظبي ودبي، كان الضباب كثيفاً في تلك المنطقة، بينما كان قد انقشع عن بقية المناطق، ومع هذا كان “مجانين السرعة” يتبارون في إزعاج الملتزمين بقواعد القيادة، فتجدهم ينطلقون بسرعة وهم يضيئون الأنوار بصورة متلاحقة للسائق الذي أمامهم والملتزم بالقيادة الحذرة في مثل هذه الظروف من أجل أن يفسح لهم الطريق، كي يلحقوا بأعمالهم. في اليوم الذي سبقه شهد الطريق ذاته وفاة سائق وإصابة 26 في حادث تصادم جماعي بسبب الضباب الكثيف والسرعة الزائدة وعدم ترك مسافة” الامان” أثناء القيادة، وهي ذات العوامل التي بحت الأصوات وهي تتحدث عنها وتحذر منها وتطلب من الجميع الالتزام حيالها، وهي ذاتها التي كانت وراء الحادث المأساوي الكبير الذي شهدته المنطقة نفسها وفي مثل هذا الوقت من عام 2008، وأدى لوفاة 8 أشخاص وإصابة 277 آخرين، واحتراق 30 سيارة. اليوم وبعد مرور زهاء أربعة عقود من أسابيع المرور سواء المحلية أو الخليجية، ما زلنا عند نقطة المربع الأول فيما يتعلق بالتوعية المرورية، ونحن نتحدث عن الأخطاء البشرية وأخطاء السائقين التي تقف وراء 90% من الحوادث المرورية التي تشهدها مختلف مدن ومناطق الدولة. الرهان اليوم على ما أعلنته وزارة الداخلية حول الاستعداد لتوقيعها مذكرة تفاهم مع وزارة التربية والتعليم قريباً، لتفعيل الثقافة المرورية في المناهج المدرسية ونشرها بين طلاب المدارس، ولكن التحدي سيظل في وجود عشرات الجنسيات والثقافات الأخرى التي تعيش بين ظهرانينا وبالذات الذين يفدون من مجتمعات تتفشى فيها الأمية وتدني ثقافة احترام القوانين والأنظمة. وحتى تؤتي مثل هذه الجهود ثمارها على المدى المتوسط والبعيد لا نملك إلا دعوتكم للتفاعل والتجاوب مع شعار أسبوع المرور الخليجي السادس والعشرين بالحذر من أخطاء الآخرين. وذات مرة سألوا في ألمانيا سائقاً أمضى ستة عقود على الطرق من دون تسجيل حادث بحقه، فقال “كنت أعتبر نفسي العاقل الوحيد”، وفي ذلك حكمة للحذر من أخطاء الآخرين.