عندما تعطى “الكلمة” لأهلها، فإنها تحقق مداها ومبتغاها، لتناول الآخر رغيف التواصل والتفاعل، والتكامل. “كلمة” أبوظبي للثقافة استطاع في غضون فترة قصيرة أن يطاول المدى، ويمتد بامتداد تضاريس الكون، وفضاءاته الواسعة الشاسعة. عناوين كتب تنوَّعت، وتشكلت، وتشعَّبت، فتسرب إلى الروح بأطياف الفلسفة والأدب والسياسة، وما اقترب من ذلك وابتعد، من بطون الفكر الإنساني العريق.. في معرض أبوظبي للكتاب كان جناح “كلمة”، قبلة حجيج الفكر، ومن تربوا في صوامع الثقافة ومحاريبها الواسعة، وكان الجناح يرفرف بأوراق لمعت بما سطَّره القلم، وما تكلم به المسطرون، وكان الحلم يتألق ناصعاً بقدرة بلادنا على التعاطي مع الآخر، بطاقات عالية الجودة، متميزة، متفردة، مفردة في فضاءات العالم، بلسان عربي مبين، يصبو إلى الآخر بكل أناقة ورشاقة، ولباقة ولياقة، ومكانة عالية سامية، رفيعة الشأن، لا يخضها خضيض، ولايرضها رضيض، في صومعة الكلمة، في مشربها الأنيق، ومع القهوة العربية، صالت عيون الناعسات الكعب، كما جالت أنظار من شغفهم الهم الثقافي، وشغلهم القلق الإبداعي، فاستطعنا أن نحظى بدفء اللقاءات، وحرارة المصافحات الفكرية، استطعنا أن نفرح معاً، وتسرح جياد الحلم، وننتزع من صمتنا بوح الشفافية العالية. من بين مجموعة دور النشر، المنتشرة كخلايا النحل، المنثورة كلآلئ رصعت أرض المعرض الأنيق، كان هناك جناح كلمة، ناطقاً بالضاد، سارداً حكاية الآخر، من ألف الحب إلى يائه، مزملاً بحنايا وثنايا الرغبة الكامنة بخلق الوازع الأخلاقي، وصناعة واقع الإنسان الحقيقي، المجبول على الود، المتحدر من فطرة الانتماء إلى الكل، والانضواء للجميع، فعلاً كان في جناح “كلمة”، كان العالم بأطيافه وأعراقه، يعقد اجتماعاً كونياً، شاملاً كاملاً، وعلى مستوى الفكر، يستعرض فيه إبداعات الذين أسهموا في صياغة العقل الإنساني، ومن ساهموا في النبوغ وبلوغ غايات الإنسان السامية. فعلاً، كان هذا الجناح حقلاً يانعاً يافعاً، من حقول الأبعاد الأربعة، في اتجاهات الكرة الأرضية، وفعلاً كان لـ”كلمة”، الكلمة العليا في بسط جناح المعرفة، والاستيلاء على الدهشة في اللحظة الممكنة.. وفعلاً كان لـ”كلمة”، القوامة، في جذب الباحثين عن المتنفس والنفيس، من نتاج العقل البشري، وفعلاً كان لـ”كلمة”، جذر الساق المتساقي من مساحات الوعي بأهمية الكتاب، وحتمية التعايش السلمي مع الكلمة، المثمرة، المزهرة، المزدهرة بالحياة، ونبض المتصالحين مع أنفسهم. فعلاً كان لـ”كلمة” في المعرض السطوة، والنخوة، وصبوة العاشقين، المدنفين، في حب الآخر.