حدث أني كنت في مناسبة ما، وفي مكان تقصده النسوة قبل الولوج إلى صالة الاحتفال، لإصلاح زينتهن؛ ولأن المرايا كانت تغطي الجدران، فكنت أستطيع رؤية جميع الوجوه من مرآتي دون أن التفت إلى أحد، وهكذا إلى أن دار ذلك الحوار الغريب بين امرأتين تعطي كل منهما ظهرها للأخرى: سألت الأولى، أأعرفك؟، فأجابت الأخرى: لا أذكر ولكنك مألوفة؛ فردت الأولى ألست زوجة (فلان الفلاني؟)، فردت الأخرى، أجل أجل، تذكرتك، أنت زوجة (فلان الفلاني)، فأجابتها الأخرى بارتياح: صحيح؛ فابتسمتا لبعضهما، واستمرتا فيما كانا قد بدآه من قبل. لم أترك الأمر يمر، لأني توقعت بعد هذا الحوار أن أتعرف إليهما، بحكم أني الثالثة التي أقحماني في حوارهما قسراً، ومن أقل حقوقي أن اعرف اسميهما؛ ولذا أدرت وجهي إليهما، وسألتهما، أليس لكما أسماء، فلماذا تغيباها وتتعرفا إلى بعضكما بأسماء أزواجكما؟ لم يردا، وكأني أتحدث بلغة لا يفهماها. لم أرضخ لتجاهلهما، فعدت وقلت، وما أدراكما أن (فلان الفلاني) الخاص بكل واحدة فيكما، ليس لديه زوجة أخرى، وإنكما بهذه الطريقة المربكة في التعريف عن نفسيكما قد تتسببان في خلط الشخصيات؛ أنا اسمي (السعد) وليس لي (فلان الفلاني) الذي يضيع اسمي تبعية له، وخرجت من المكان يمتليء بغيضهم. لا اقصد إطلاقا الاستخفاف بالثقافة التي اعتاد الناس عليها في التعريف بأنفسهم، سواء بمثل الطريقة السابقة، أو بإصرار البعض على مناداة النساء في العمل بأم فلان؛ وهي طريقة تشبه وبصراحة الطريقة الأخرى التي يصر فيها الرجال لدينا بعدم ذكر أسماء أمهاتهم، أو زوجاتهم الاتي أخذن لقب الأهل، العيلة والبيت -المهم لا دلالة أنثوية في الشخص المقصود- فهو من أسرار الأمن الوطني، والإفصاح عنه من الجرائم التي لها حد الخيانة! ولكني أتساءل وأتمنى لو أجد إجابة، ما الضرر في أسمائنا؟ هل لها دلالة جنسية، مثلا كأنه بذكر اسم الأم فهذا يفضح لون شعرها أو مقاس خصرها.. الخ؟! ولو أن هذا الأمر يحمل شيئاً من الفضيحة لماذا لم يطلق علينا ذوونا منذ ولادتنا (أم فلان) ويحددوا الاسم الذي يريدونه لحفيدهم! في يوم المرأة العالمي، لا أريد شعارات ولا مناصب ولا تمكين، لا أريد إلا أن أزهو باسمي وجنسي، ولا أريد منهم سوى أن يحترموه لأنه يخص إنساناً مثلهم.