لا أدري لماذا عندما يأتي الحديث عن الاهتمام بالشجرة تتبادر لذهني صورة المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، الأب والباني المؤسس لدولة الإمارات طيب الله ثراه ربما لرمزية العطاء، فقد اهتم رحمه الله بالزراعة وعمل على بسط الرقعة الخضراء في إمارة أبوظبي، وقاد مسيرة التحدي الخضراء في الوقت الذي كان العديد من المراقبين والمختصين بالزراعة يشككون في نجاحها. في ذاك الوقت لم يركن رحمه الله للظروف، لأنه لم يكن يعرف المستحيل فقد شمر عن ساعديه وبدأ المسيرة الخضراء التي كللت بكل النجاح، بشكل فاق كل التوقعات واستمر في الزحف الأخضر من خلال مشاريع التشجير وإشراك المواطنين في المسيرة الخضراء من خلال توزيع المزارع، وضمان تسويق الإنتاج ما جعل منها واجباً وطنياً يقع على عاتقنا جميعاً لما له من أهمية في حماية التربة والنواحي الجمالية والبيئية والصحية. في يوم الشجرة الذي يحتفل به العالم هذه الأيام تأتي البيئة والاهتمام بها من أهم المؤشرات الحضارية التي تستدعي إيجاد سلوكيات تهتم بنظافتها، عن طريق برامج تهتم برصد الواقع البيئي وتحسينه عبر تحديد الأسباب والوسائل التي تخفف من حدة انعكاسات ذلك من خلال المحافظة على الغطاء النباتي والاهتمام بالشجرة من قبل الجهات الرسمية والشعبية. ‏ في الحقيقة خطط التشجير عبر السنوات السابقة كانت نتائجها خضرة دائمة في مناطق كانت جرداء، وهذا يضع الجهات المعنية أمام واقع جديد لإيجاد الطرق الكفيلة بالحفاظ على هذه الثروة وخاصة فيما يتعلق بشجرة النخيل والأشجار الحرجية الأخرى التي تعمل على تلطيف الأجواء ومقاومة الرياح، فضلا عن عملها كفلاتر طبيعية لتنقية الهواء في المدن. كثيرا ما يؤكد المختصون أن نسب التلوث التي تتزايد معدلاتها في المدن الرئيسية تعود إلى قلة الاهتمام بالخضرة الدائمة، حيث لا بد من التشجيع في هذا الإطار بشكل مستمر للمبادرات الفردية لزرع الأشجار وحماية الواحات والحدائق والتأكيد عليها، لأنها مسألة لا تقل أهمية عن عمليات التشجير إضافة إلى تفادي الحرائق في تلك الأماكن. ومن الضرورة أن تلعب البلديات ضمن مسؤوليتها الاجتماعية دوراً كبيراً في نشر المعرفة والوعي بين مختلف شرائح المجتمع، لتوضيح أهمية الحفاظ على البيئة وضرورة زيادة المساحات الخضراء، بجانب ترسيخ الممارسات الصحيحة تجاه الحدائق العامة والمجتمع وتنظيم الفعاليات بالتعاون مع المدارس والجهات الحكومية إلى جانب إطلاق المبادرات المميزة لدعم هذا التوجه. لم يكن زايد، رحمه الله، رمزاً للبيئة، بل استطاع، طيب الله ثراه، أن يكون رجل البيئة الأول على مستوى العالم، تغمد الله فقيد الوطن بواسع رحمته، لقد كان رجلا في دولة ودولة في رجل. جميل رفيع jameelrafee@admedia.ae