منصب شيخ الأزهر، هل يحق لكل المسلمين أم هو حكر لبلد الأزهر؟ بالتأكيد الذي أعطى هذا المنصب قيمته هو التدريس والتعليم الذي كان ينطلق من الأزهر كجامعة، ومركز تعليمي وتنويري، ولا يكتفي بهذا الفعل في الداخل، فبعثات الأزهر كانت موجودة في الدول العربية، وفي دول أفريقيا، ودول آسيا، والجمهوريات الإسلامية في منظومة الاتحاد السوفييتي سابقاً، وفي أماكن وجود المسلمين في مختلف الأصقاع، فقد أخذ الأزهر على عاتقه تدريس الدين الإسلامي ومناهج العلوم الإسلامية واللغة العربية، فكانت له هذه المكانة المتقدمة والعزيزة في نفوس العرب والمسلمين، كواحد من الصروح التعليمية العتيقة في العالم العربي، ويتقدم على جامع الزيتونة أو القيروان في تونس، وجامعة القرويين في المغرب، والحوزات الدينية في النجف وقم، كما أنه استقبل منذ أمد بعيد كل الدارسين من الجهات المختلفة، كما أنه كجامعة وجامع لم يكن يوماً بعيداً عن السياسة وحركة المقاومة الوطنية. كل هذه الأمور جعلت من الأزهر رمزاً إسلامياً، يعتز به الجميع، فطالما كان يمثل لهم الطليعة، ولعل مما زاد من دور الأزهر ما تعاقب عليه من بعض الشخصيات المهمة والمؤثرة، وما تصدى له من معضلات ومشكلات حركت العالم الإسلامي والعربي، كل هذه الأمور عززت من مكانته. ومثلما هي بعض الشخصيات التي يجب أن لا تعرف ببلد بعينه أو تحمل جنسية بعينها، كذلك هي بعض الأماكن والصروح، والأزهر واحد من تلك الاستثناءات التي تمثل حالها، كالفاتيكان رغم أنه في إيطاليا لكنه يتبع لكل المسيحيين في العالم، وطريقة اختيار البابا من الأمور الكبيرة والمعقدة وبالغة السرّية وباهظة البهرجة، وشيخ الأزهر كان في السابق ينتخب، أما منذ الستينات فأصبح معيناً من قبل الحكومة، بدرجة رئيس وزراء، في حين بقي ممثل الأقباط “ بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية” بطريقة منتخبة، فالرئيس لا يستطيع تعيين البابا، كذلك لا تخضع ميزانية الكنيسة لإشراف الدولة كما هو الحال مع الأزهر. لم يظهر لقب الأمام الأكبر أو شيخ الأزهر إلا بعد مرور 741 سنة على إنشاء الجامع وأول مرة حمل هذا اللقب شيخ الإسلام محمد الخراشي عام 1101، ثم توالى بعده على المشيخة 46 عالماً، كلهم مصريون ما عدا اثنين فقط، هما المغربي حسن العطار، والتونسي محمد الخضر حسين، ومجلس الأزهر أو هيئة كبار العلماء أو مجمع البحوث الإسلامية، كما سماه جمال عبد الناصر يتكون من 50 عالماً يعين واحد منهم بقرار جمهوري شيخاً للأزهر في احتفال بهي درج عليه منذ الدولة العثمانية يرتدي فيها الإمام زيّ الأزهر المعروف بـ”فرو سمور”