عندما يستدرجنا الضجر نستعين بالصبر، على أنظمة تربوية أصبحت في حال البؤس. فلا أحد يستطيع أن يبرر إجازات إجبارية يفرضها الواقع التعليمي إلا وزارة التربية وحدها، فيحدثني الكثير من أولياء الأمور أنهم في يوم الخميس الماضي، أي ما قبل الإجازة الأسبوعية وقبل إجازة عيد الأضحى، أوصلوا أبناءهم إلى المدارس وذهبوا إلى أعمالهم، وبعد مضي أكثر من ساعة تتصل بهم إدارات المدارس ليعيدوا أبناءهم إلى بيوتهم؛ لأنه لا يوجد طلبة في المدارس، والغالبية العظمى منهم متغيبون. وطبعاً لا يستطيع أحد من أولياء الأمور أن يرفض أو يتجاهل هذا النداء الآلي سريع وشديد اللهجة، لأن تجاهل الاتصالات يعني أنهم سيجدون أبناءهم يلعبون ويعبثون في الشوارع، ويداعبون الفراغ، وملامسة الفراغ تعني الاقتراب من شفا الخطر الذي يحاول أن يتحاشاه كل ولي أمر غيور على أبنائه، إذاً ما الحل؟ لا بد أن ينفض هؤلاء الموظفون أيديهم من كل مشاغلهم والتزاماتهم ليهرعوا إلى إنقاذ ما يمكن إنقاذه وإعادة الأبناء إلى البيوت ليلعبوا “البلايستيشن” أفضل من اللعب في غبار الفراغ، ولكن هذه الحالة تفسر مدى الاستسهال الذي تعاني منه القوانين التعليمية ومدى فداحة الخروج عن النص والوقوف عند حافة التدهور، وهذا ما تبينه ردود الفعل لدى الطلبة في الإجازة التي اقتطفوها من شجرة الدوام الرسمي، واستراحوا لمدة يومين، مستندين في ذلك على أن الأمور عادية في كل الأحوال ولا داعي للقلق، وحتى أولياء الأمور لم يتطرقوا إلى طرح الأسئلة على أبنائهم، لماذا وكيف ناموا حتى آخر النهار، ولم يصحوا للذهاب إلى مدارسهم، لأنهم أيضاً يخشون من الاتصالات المستعجلة التي تنبههم إلى أن عليهم العودة بأبنائهم إلى البيوت، لعدم “اكتمال النصاب القانوني” لدى الحضور.
مسألة الغياب والحضور في أيام الإجازات تحتاج إلى نظر، وإلى قانون مستقر، لا يُفْرط ولا يُفَرط في الحساب والعقاب، قانون يحضر بقوة في مثل هذه المناسبات حتى لا تتدخل أمزجة الإدارات المدرسية والمدرسين، ولا عواطف أولياء الأمور، قانون يحدد الثوابت ولا يترك الأمور للاجتهادات والتأويلات، وأحياناً للأعذار، قانون يحسب حساب الأيام وأهميتها بالنسبة لطالب العلم، والذي لا يجب أن يؤجل عمل اليوم إلى الغد، ولا يوضع قراره بيده لا بيد من أنيطت بهم أمانة التعليم وأمن العلم. نحتاج إلى قرار يحدد المسؤولية كاملة، بأن يوم التعليم يوم مقدس، لا مجال فيه للتلاعب، أو للمزاج الذي يحكم تصرفات المعنيين من أولياء أمور أو طلبة أو إدارات مدرسية.


marafea@emi.ae