هل يمكن أن تتغير الجغرافيا بقرار؟.. ربما، فهذا ما حدث وهذا ما يتأكد اليوم خلال النهائي الآسيوي الذي يجمع اليابان مع أستراليا، في ختام بطولة كأس أمم آسيا، وفي الحقيقة هو نهائي بين قارتين وليس قارة واحدة، فأستراليا قارة لها جغرافيتها ولها تاريخها ولها إرثها الزاهي لأبنائها، لكنني اليوم، ولسبب جغرافي قديم، أميل لمنتخب اليابان أكثر من أستراليا، ولست أدري لماذا أنا ومن أول البطولة غير عابئ بالأستراليين، وكلما مهدت لخروجهم، واصلوا التقدم، وازددت حنقاً، وتساءلت: ربما مجيئهم إلى قارتنا دون استئذان وبقرار فوقي هو الذي جعل مشاعري كذلك، أو ربما لأنهم أخرجوا العراق والبحرين قبلها، وبدا الأمر بالدرجة الكبيرة عائداً للسبب الأول، فهم يخرجون لنا «كالعفريت» في كل بطولة، وبصفة خاصة منتخبنا الإماراتي، وكلما وصلنا إلى نقطة معينة في بطولة ما، قالوا: سنواجه الأسترالي، ومرة نفوز عليه، ومرة لا، ولكن الواضح أنه بات عقدة آسيوية، بالرغم من أنه ليس من آسيا، بل من قارته الخاصة، فالدولة التي تقع جنوب شرق آسيا على غرب المحيط الهادي تفصلها عنا بحور، لكن رغم ذلك بات علينا أن نقبل بأنها منا. وحتى أبرر لنفسي موقفي الصارم من بلد الكانجارو، أقول إن انحيازي لبقية فرق القارة، عائد لكونها تنتمي إلينا ولنفس قارتنا، أما أستراليا، إلى الآن، فنراها ضيفاً لا يكتفي بحق الضيافة وإنما قد يحمل وهو عائد متاع بيت المضيف، وهي إشكالية تأباها نفوسنا، حتى لو كان الأمر في الكرة. طبعاً لا أطلب من الأستراليين ألا يلعبوا أو أن يحترموا أحاسيس ومشاعر من «أهلوا» عليهم ذات مساء، ولكن ماذا أفعل في نفسي الرافضة حتى الآن لقبول فكرة أن الضيف أصبح صاحب بيت، بل وينازعه على الأثاث والممتلكات، مثلما هو حادث الآن، فأستراليا التي انضمت لقارتنا منذ سنوات تمضي نحو إنجاز عجزت عنه معظم فرق القارة ذات التاريخ والطموح والتي تطارد منذ عقود أملاً يبدو في مرات كثيرة كالسراب. وبعيداً عن موقفي الذي ليس بالطبع موقف الكثيرين ممن ينتصرون للكرة، ويفصلون بينها وبين الجغرافيا، فالمباراة اليوم لا يمكن التكهن بنتيجتها، وما قدمه الساموراي طوال البطولة، أقل مما حققه اليابانيون، حتى وإن اختلفت «المطبات» في طريق كل طرف، كما أن الفريق الياباني فقد لاعباً مهماً هو كاجاوا الذي غادر الدوحة وعينه ما زالت معلقة بها، وعلى الرغم من أن هناك الكثيرين من اللاعبين اليابانيين القادرين على تعويض غيابه، إلا أنه يبقى لاعباً هدافاً ومزعجاً، ولا شك أن زاكيروني لديه من الحلول ما يمكنه من لملمة أوراقه ووضع خطة تمكنه من مجاراة الأستراليين، بل والتفوق عليهم، لأنه حتى وإن كانت الأرقام تصب في صالح أستراليا فإن الأداء بالطبع لصالح اليابان، ولكن في الكرة ليس شرطاً دائماً أن ينتصر الأداء. المهم أنني اليوم سأجلس في المدرجات، وسأشجع المنتخب الياباني، ولكن إن فاز الأستراليون فسأصفق لهم، فقد فعلوها وسطروا واقعاً جديداً لمنتخبات القارة الأصيلة في عقر دارها، فساعتها سيستحقون، وسنستحق نحن. كلمة أخيرة في ليلة إسدال الستار.. التحية واجبة لقطر.. أهل الدار محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae