أي شيء في العيد أهدي إليك
يا ملاكي وكل شيء لديك
أسواراً أم دملجاً من نضار؟
لا أحب القيود في معصميك
أم وروداً والورد أجمله عنـدي
الذي قد نشقت من خديك
أم عقيقاً كمهجتي يتلظى
والعقيق الثمين في شفتيك
ليس عندي شيء أعز من الروح
وروحي مرهونة بيديك

القصيدة للشاعر اللبناني إيليا أبي ماضي ، وهي من أجمل ما كنا نستمع إليه صغاراً عبر الإذاعات والتلفزيونات العربية، أيام الأعياد وغير الأعياد بصوت مطرب العراق الجميل ناظم الغزالي، وقد يبدو الكلام عن ناظم قديماً بعض الشيء، وقد يرى فيه البعض عاصفة من غبار الماضي والتفاصيل التي ولت مع ما ولى من ملامح الزمن الجميل، لكننا نصر على الاحتفاظ بتلك التفاصيل وترديدها لأننا سمعنا أهلنا يقولون: من لا ماضي له لا مستقبل له أو “اللي ماله أوله ما له تالي”، ولأن الجمال يستحق أن نحفظه ونرويه بفرح، ولأن هذه التفاصيل صغيرها وكبيرها هي في النهاية أعمارنا وتاريخ ذاكرتنا.
لقد ارتبطت ذاكرة الفن عندنا - كجيل تأرجحت ذاكرته بين فن السبعينيات والألفية الثالثة - بالكثير الكثير مما يستحق أن يحكى، لأن الفن لم يكن مجرد سباق أغان في البورصة ولم يكن فيديو كليب وصرعات وفقاعات، كان محدداً رئيسياً طبع مرحلة من مراحل حياتنا وتاريخ الوطن العربي بأسماء ورموز وأحداث، وهو واحد من اختزالات الذاكرة الجماعية التي تشاركت الإعجاب والانبهار والاستلاب إن جاز استخدام هذا المصطلح لبعض الرموز الفنية التي لعبت دوراً خطيراً في تلك المراحل.
كنا أذا أطلت ليلة العيد نعيش مع شاشة التلفزيون ليلة بأكملها مع أغنية السيدة أم كلثوم “يا ليلة العيد آنستينا يا ليلة العيد. وأغنية السيدة فيروز “ياربي تزيد خيرك وتعيد ع الدنيا كلها ايام العيد... هلت بشاير ماجت حراير والطير الطاير غنى للعيد....”أغنية جميلة وشديدة العذوبة، كانت تصدح في كل البيوت بذلك الصوت الشفيف النقي ليلة عيد الفطر وعيد الأضحى، مع أن الأغنية من أشهر ما غنت السيدة فيروز ضمن باقة شهيرة من أغنيات عيد الميلاد، ما يحيلنا إلى رمزية العيد وقداسته في المحصلة النهائية، فالعيد عودة للمعنى والمغزى، والفرح والبهجة، وعودة لروح الدين، فأعياد أهل الديانات كلها منبعها ومردها الدين ومعاني التضحية وكل ما هو نبيل وأخلاقي في الإنسان.
ما من وأحد منا إلا ويرتبط العيد في وجدانه بالفرح والتغيير وكسر المعتاد والروتيني والممل، فلا ملل يوم العيد، لأن الذين يدعون الملل لم يبذلوا جهداً ولو صغيراً في النظر إلى السبب الحقيقي وراء امتناع قلوبهم عن الفرح، ذلك أن الفرح لا يصافح قلباً ممتلئاً بالقطيعة والغضب والبغض، الذين يعيشون في ظلمة المشاعر السلبية يعيشون وحدهم لا ينقر الفرح شبابيك قلوبهم ولا يشعرون بذلك الفرح الغامر الذي يملأ قلوب الصغار، لأننا نبقى صغاراً في العيد فقط وأما الفرح فلا أحد يكبر أبداً.


ayya-222@hotmail.com