يهل علينا اليوم العيد، عيد الأضحى المبارك، بفرحته وبهجته وطقوسه الخاصة بنا، والتي تحمل تواصلاً وتراحماً. فالعيد فرحة وبهجة تلمسهما في ابتسامة صغير فرح بعيديته المتكورة في جيب الكندورة الجديدة الزاهية، والعيد فرحة وبهجة في الوجوه السعيدة مع اجتماع الأهل والأصحاب والجيران حول مائدة وأطباق العيد، اللتين تتصدرهما بعض من أضاحي المناسبة.
قبل أيام، كنت أتابع اتصالاً هاتفياً من مواطنة في عجمان، تتحدث فيه عن قرار البلديات منع ذبح الأضاحي في غير المسالخ، وكيف يؤدي مثل هذا القرار لاندثار عادات قديمة تعودت عليها أجيال من أبناء الإمارات، عندما كان الكبار والصغار يتحلقون حول الأضحية عند “الحوي” لمتابعة طقوس المناسبة، والواقع أن القرار صائب وصحي لصالح المجتمع الذي على الرغم من ذلك يحرص أفراده على إحياء عاداتهم وتقاليدهم الجميلة بصور أخرى تجسد مقدار اعتزاز الجميع بها. وفي مثل هذا اليوم يرى البعض أنه يفتقد تلك العادة الأجمل بتوزيع لحوم الأضاحي، لأن الجيران وجل من يعرف، في خير ونعمة ولا يحتاجون إليها، وذلك من فضل الله ونعمه علينا، ولله الحمد والمنة، ولكن على الجميع تقديمها لهيئة الهلال الأحمر والجمعيات الخيرية الأخرى التي توفر شاحنات مبردة خاصة لنقل هذه الأضاحي وتوزيعها على من يستحق، وهذه الجهات تعلم أماكن من يحتاجونها وتوصلها إليهم، في مسلك يعزز الغاية السامية والنبيلة من الأضاحي، وشعور أفراد المجتمع بالتواصل والتواد والتراحم فيما بينهم في هذه المناسبة الجليلة.
وفي مثل هذه المناسبات تتجدد دعوات رجال الشرطة والمرور والدفاع المدني للجميع بالالتزام بالأنظمة والقوانين، حرصاً على حياتهم وحياة الآخرين، وعدم تحويل أفراح العيد للحظات حزن وندم، وهي دعوات تستند إلى واقع يتمثل في إصرار البعض على تعريض حياته والآخرين للخطر، سواء ذلك الذي يقود سيارته بسرعة جنونية وطيش واستهتار، أو الذي يقود دراجته المائية “الجيت سكي” عند الشواطئ وقرب الذين يمارسون هواياتهم بالسباحة وسط الأجواء الربيعية الجميلة، ناهيك عن الذين يطلقون الألعاب النارية أو “الشلق”، ويتسببون في إزعاج وترويع الصغار، وفي أحايين كثيرة تلحق بهم حروق وإصابات خطرة وعاهات. نماذج من البشر تعيش بين ظهرانينا، إظهار الفرحة عندها يتمثل في إزعاج الآخرين وتعريض حياتهم للخطر. إن التفاعل مع دعوات أجهزة وزارة الداخلية بصورة إيجابية، والعمل بها، ينمان عن مواطنة حقيقية، وحرص على سلامة المجتمع وأفراده، فإظهار الفرح ليس بممارسة الظواهر المزعجة والخطرة، والتي تحذر منها دائماً دوائر الشرطة والمرور والدفاع المدني، فإظهار الفرح يتم بإعمال وإبراز القيم التي تحملها هذه المناسبة وغيرها من تراحم وتواصل وتواد، وشعور الإنسان بمشاركة الآخرين فرحته، حتى تعم الفرحة والبهجة الجميع، وفي ذلك معنى سامي يعزز النسيج الاجتماعي بين أفراد المجتمع، وهو الذي كلما كان متيناً قوي به المجتمع والوطن.
نسأل الله أن يديم على إمارتنا الفرح والعز والتقدم والرخاء والازدهار، بقيادة قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة وإخوانه الميامين، وكل عام والجميع بخير، و”من العايدين الفائزين”.


ali.alamodi@admedia.ae