الرئيس السوري بشار الأسد، هدَّد العالم بزلزال شديد الوطأة، شديد اللهجة، يهز العالم العربي فيما لو استمرت الاهتزازات الأرضية التي ترج المنطقة العربية.. حقيقة نستغرب، ونتعجب ونشعر بالفجيعة وفقدان القدرة على ما يحدثه الواقع العربي من قيادات، عندما تميد الأرض، وتمور الجبال، وتسجر البحار، وتتساقط طيور الأبابيل على رؤوس الأشهاد، وهم لا يزالون يتأملون الواقع، ويقرأون المشهد بتلاوة المطمئنين، الساكنين أبراج الوهم.. نقول للسيد الرئيس: معارضون في الخارج يولولون ويلوِّحون باستجلاب قوة الخارج، وتأليبها ضد الوطن ومن يحكمه، والجماهير التي تركض في الشارع ليل، نهار، ونسيت الدراسة والعمل والأكل والشرب والنوم، تصرخ مستغيثة بحبال الهواء، وتريد الإصلاح والفلاح، والنجاح والفوز بجنة الديموقراطية .. وأنت يا سيادة الرئيس تقول لا شيء يحدث في سوريا! فقط مجرد مجموعة إرهابيين.. ونقول لك: نعم هذا يحصل، لأن الحيطة الهابطة، تسنح لكل من يرغب في أن يتجمّر في حياضها، وإذا لم تصلح أنت دارك، فإن العيون متلصصة والعقول متربصة، ومن كل ناحية وصوب، وهذا هو حال الدنيا، وفي السياسة لا صداقة وإنما مصالح، وكذب من قال غير ذلك، ولكن هذه المصالح تؤخذ بأسباب وأساليب مختلفة، وأقربها إلى المنال يقتنصها أصحاب المصالح، فالأحزاب العتيدة مستعدة لأن تغير جلدها وتنسى عقيدتها في سبيل الوصول إلى الكرسي الذي تجلس عليه، والدول مستعدة لأن تحلف بالإنجيل أنها لا تريد غير مصلحة شعب سوريا، وهي لا تريد ذلك، غير المصالح.. ولكن سؤالنا لك يا سيادة الرئيس: أين المصلحة الحقيقية للشعب السوري لديك، أين الروح التي لا تقبل ثمناً مقابل سلامة الوطن؟ هذا هو السؤال الذي يجب أن تطرحه على نفسك، لتحفظ بلدك وتصون شعبك، وترفع الظلم عن حرائر سوريا ذات الشأن والفن، ودعك من الآخرين، فهؤلاء لهم شأنهم ولهم مصالحهم، ولا أحد يلوم أحداً يبحث عن مصالحه، وما يحقق نجاحه حتى ولو كان على حساب الآخرين “هذا طبعاً في ميزان الدول والحضارات”.. فلندع العصبية القديمة، ونقذف التشنج بألف حجر، ونرمي الفخامة المزيفة في أغرز بحر، ونتجه نحو سوريا وتاريخها العظيم، ونعيد بعضاً من الخط المسماري، ونضعه نقشاً عربياً على جدران حلب الشهباء.. اتخذ قرارك بشجاعة النجباء، لتجنب سوريا الزلزال، وتحفظ ماء الوجه، فكم نحن بحاجة إلى قفزة تحررنا من هذا العصف المسف، لنحفظ أقل ما يمكن حفظه قبل فوات الأوان، وقبل أن نقول يا ليت الذي كان ما كان..
سوريا بحاجة إلى العرب وليس غير العرب لها السند والعضد، أما الآخرون، فباطنيون حتى نخاع العظم، ولن يكونوا سوى أول الشامتين وأول الفارين من معركة القيم.


marafea@emi.ae