كثيرا ما استشهد بقصة ذلك الأستاذ الجامعي العربي الذي قطع الإشارة المرورية الحمراء في احدى العواصم الاسكندنافية في وقت متأخر من الليل ، وقطعها مطمئنا لأن الشارع خال من السيارات والمارة ومن عيون القانون التي ترصد مثل هذه التجاوزات، وفي صباح اليوم التالي اتصل به زميله السويدي الذي كان معه لدى قطعه الإشارة ليخبره بأنه من قام بإبلاغ السلطات بالتجاوز الذي حدث. واستذكر هذه الواقعة التي تجسد مقدار الانضباط والالتزام والحرص على احترام القانون في غياب العيون التي تحرس التزام الناس بالقانون. قبل يومين كنت عند دوار سيح شعيب عندما فوجئت بشاب يتجاوزني بسيارته بسرعة كبيرة، و بدلا من أن يلف الدوار اختصر الأمر والتف يساراً وهو واثق أن لا احد من مراقبي تنفيذ القانون موجود في ذلك المكان وفي ذلك الوقت من الليل . وفي الطريق أيضا من السمحة الى الشهامة مر بي عدد من السيارات التي تجر خلفها” قالوصة “ في رحلات العودة من البر ، وهي من دون أي إضاءة خلفية، وكذلك سيارات بعضها من دون إضاءة بالكامل او بصورة جزئية مع ما يمثله ذلك من خطورة على حياة أصحابها وعلى غيرهم من مستخدمي الطريق. والأمر في حقيقته من صور غياب هذا الوعي الذي يفترض توافره في الإنسان عندما يتعامل مع أي أمر له صلة بالقانون، ويهدف لحمايته قبل كل شيء. في صورة أخرى من هذه الصور أمر يومياً بساحة واسعة يستخدمها الجيران للترويح عن صغارهم فتجد أطفالنا يستعرضون مهاراتهم في قيادة الدراجات الهوائية بينما أولاد جيرانهم الغربيين لا يمتطون تلك الدراجات من دون خوذة الوقاية!!. ويتابع المرء مقدار الجهد الكبير الذي تقوم به أجهزتنا الشرطية في مجال التوعية وإرشادات السلامة والمبالغ المالية الكبيرة التي ترصدها لتكريس مفاهيم توعوية يفترض أن تكون من البديهيات، كما في الحملات التي نظمتها شرطة أبوظبي مؤخراً لتحذير قائدي المركبات من القيادة أثناء الضباب وكيفية التعامل والتصرف في ظل تلك الظروف المناخية وتدني مستوى الرؤية، وكذلك في موضوع ترك مسافة أثناء القيادة بين السيارة والأخرى ضمانا لسلامة الجميع، ولكن أين من يستوعب؟. في بعض الأحايين يتولد شعور لدى المرء كما لو كان الأمر تجاهلاً متعمداً لأبسط تلك القواعد، وهو شعور يتبدد ليحل مكانه آخر بالأسى على استمرار التجاهل وما ينجم عنه من نزيف يحصد أرواحاً بريئة لا ذنب لها سوى أنها تواجدت في لحظة أمام سيارة مندفعة بجنون على الطريق من دون مراعاة كل العوامل والظروف التي تتطلبها مسؤولية القيادة عند من يستشعرها، وما يستدعيه ذلك لصون حياة إنسان. واعتقد أن موضوع عدم التوقف كثيراً امام اللوائح والقوانين المرورية أمر بحاجة للمزيد من الدراسة من قبل الأجهزة الشرطية والمرورية في معرض تقييمها لنجاعة الحملات المرورية التوعوية التي تقوم بها وتنفق عليها ملايين الدراهم، والتي لم توفر حتى الصغار والنشء الذين تتوافد حملات التثقيف والتوعية على مدارسهم، وذلك لمعرفة مكمن الخلل الذي يصر معه البعض على مخالفة القوانين التي وجدت أصلا لحمايته وحياته وصون ممتلكاته.