كيف يمكن أن تتحول صورة العائلة الأولى في الوطن، والتي تظهر عادة ملونة في الصحف والمجلات، وعلى شاشات التلفزيون، يتوسطها الكبير أو العمدة أو أب الجميع، يحيط به أولاده وأمهم وأحفاده من أولاده ومن البنات، صورة توحي لك بالسعادة والهنأ، وأنها عائلة مثالية للوطن والمواطنين، حتى أن بعض المواطنين السذج يقطعونها من أغلفة المجلات، ويبروزونها بإطار رخيص ربما، وتتصدر مكاناً بائناً على جدار البيت، في زلزال الربيع العربي سقطت تلك الصورة المبروزة، وتهشم زجاجها، وغدت ساقطة على الأرض، ولا أحد يريد أن يحملها من مكانها الذي يبدو طبيعياً اليوم، بعد ذهاب العز، وغياب السلطة!
• لو يتم حصر حجم الفضائح التي كانت بسبب تداعيات الربيع العربي، لكفى الولدان أن تصبح شيباً، وكأن الوطن العربي كان بؤرة فساد بالمطلق، من أعلى الهرم وفوق، الحكومات والقطاع العام والقطاع الخاص كله كان يسرّب لبعضه بعضاً، ويسند بعضه بعضاً، بحيث لا يعلو شيء على صوت الفساد والمحسوبية، والمواطن الفقير هو المطحون الذي كان وقود هذه الثورات “الاجتماعية” وهو رمادها، والذي بررت يديه من التصفيق للرئيس، وبحت الحناجر من الهتاف للزعيم، ليس من المعقول ما ظهر في مصر، كل المسؤولين الحكوميين في السجون من الرئيس وأولاده ورؤساء وزرائه، ونوابهم، ووزرائه، ورجال الأعمال، ورئيس مجلس الشعب، ونواب البرلمان، لم يبق إلا الشعب حراً، طليقاً!
• السيدات الأُول في البلدان التي هزمتها رياح الربيع العربي، أو حرم الرئيس المصون، لم يفتها أن تشارك في بعض الفساد، وتشارك في دفع زوجها الرئيس أن يتخلى عن الوطن وخدمة المواطن، وتثري إخوانها وأبناء عمومتها وأنسبائها، وتجعلهم جابيي الضرائب والمكوس، ونهب قوت الشعب، أولئك السيدات الجليلات التي كانت صورهن البريئة تتصدر الصفحات الأولى، وأخبارهن وهن ذاهبات إلى حج أو عائدات من عمرة، وهن يفتحن مستشفياً للأطفال الخدج أو يحاربن الأمية أو يساهمن في دعم الجمعيات الخيرية، من كان يتصور أن صورهن القديمة ستتبدل في عيون المواطن، وإذا بهن ذوات سير غير عطرة، ولا كن يحببن الوطن، ولا حتى الزوج الرئيس، بل كان يحببن أنفسهن!
• أولاد الرؤساء في الدول التي جاءتها العاصفة والصرصر العاتية، كانوا من ضمن قوائم الفساد، إن لم يكونوا أس الفساد والانحلال، فكثير منهم كان سبباً في تهلكة الأب الرئيس، ووضعه في موقف تاريخي حرج، بمطالبات التوريث، وقلب الجمهوريات إلى ممالك، بعضهم تمادي جاعلاً الدم يسيل من بين يديه، بعدما سالت الأموال من بينها، فكانوا ممن زاد الفتيل اشتعالاً بطريقة صبيانية غبية، فلا طالوا التوريث، ولا أبقوا على الآباء في موقع الاحترام والتبجيل، منهم من قضى نحبه، ومنهم من ينتظر!


amood8@yahoo.com