من المعروف أن أي سلعة باهظة الثمن لا بد أن تكون ذات مواصفات تميزها عن غيرها من السلع، سواء في الملبوسات أو السيارات أو الأدوات المختلفة، ولكن الأمر لا يبدو كذلك في سوق الإيجارات السكنية. فعبارة “قسّم وأجّر” تكاد تكون شعاراً يرفعه الكثير من ملاك العقارات، وغالبا ما يجد المستأجر نفسه مضطرا لدفع الكثير من المال مقابل مسكن بمواصفات لا تناسب تلك القيمة، وذلك بالرغم من التراجع البسيط الذي طرأ على أسعار الإيجارات في أبوظبي منذ أواخر العام 2008 حتى الآن. فلل استثمارية، يتم تقسيمها بحيث يدر كل ركن منها دخلا جيدا على المالك أو المستثمر، بعض الشقق في تلك الفلل دون نوافذ و”شبابيك” تدخل الهواء وضوء الشمس، وبعضها الآخر دون مطابخ، فالمطبخ ليس سوى طاولة صغيرة لا يتجاوز طولها مترا واحدا تم وضعها في ممر ضيق، الاستوديو الكبير يمكن تقسيمه بقطع خشبية من الداخل ليصبح شقة من غرفة نوم وصالة حسبما يدعون، ويتم تأجيرها بسعر الغرفة وصالة، فما الذي أصاب ملاك العقارات؟ أما السماسرة فحالهم غريب عجيب، البعض منهم لا همّ له سوى العمولة، تجد الأسعار لديه تتغير بين اليوم والآخر، بل بين الساعة والأخرى، يريك عدداً من الشقق، وحين تعجبك إحداها يقول لك: مهلاً فالمالك رفع سعرها الآن، ويبدأ مسلسل رفع الأسعار إلى عنان السماء، وليس أمام المستأجر سوى التحديق بعينيه وتلقي آخر الأخبار عن قيمة هذا العقار أو ذاك. صحيح أن الجهات الحكومية مثل البلدية، تبذل جهودها للرقابة على الفلل السكنية “الاستثمارية”، ولكن الأمر يحتاج إلى المزيد، فالمالك لا يزال هو المسيطر والمتحكم في الوضع إلى حد بعيد، وهو أمر بحاجة إلى المزيد من الخطوات التنظيمية، وربما يكون الحل لكل هذه المشاكل هو زيادة المعروض من العقارات في السوق، مثلما حدث في مناطق أخرى بالدولة، حيث هدأت أسعار الإيجارات بعد زيادة هذا المعروض. السوق بحاجة إلى مزيد من عمليات التنظيم والرقابة، وخلال السنوات الماضية كانت هناك الكثير من الدعوات إلى إعادة تنظيم السوق وتحديد معدلات لأسعار الإيجارات بناء على الموقع والمساحة والمواصفات، لكن الأمر لا يزال متروكا لمعادلة العرض والطلب، والتي تواصل انحيازها للمالك والمستثمر، وإلى أن تلتفت هذه المعادلة إلى المستأجر، لا بد من خطوات تحد من “مطامع” البعض من الملاك والمستثمرين. حسين الحمادي hussain.alhamadi@admedia.ae