هل سبق للقارئ أن جرب رؤية شروق الشمس على كورنيش أبوظبي؟ ربما كثيرون شاهدوا منظر الغروب، وهو فعلاً منظر جميل، لكن منظر الشروق قصة أخرى، فهو منظر بديع، خصوصاً في هذا الجو الرائع الذي تشهده أبوظبي هذه الأيام. الواقع أنني كنت أسير على كورنيش أبوظبي ذلك الصباح المنعش، وذهبت إلى كاسر الأمواج، ثم نزلت فمشيت فوق الصخور.. لا أحد يرتاد هذا المكان في مثل هذا الوقت المبكر، فالمدينة نائمة والناس نيام، وذلك أفضل لتشعر بالتوحد مع المكان، وتشعر بجمالية الصورة بعيداً عن ضوضاء الناس والسيارات.. اخترت حجراً ضخماً من بين الحجارة الجبلية التي صفت بدقة لتكسر الأمواج، وجلست عليها أراقب البحر الداكن الهادئ.. كانت أمواج البحر الهادئة تعزف سيمفونية وجودية، وهي ترتطم بالصخور ثم تنسحب إلى البحر بهدوء، وتعود لترتطم بها مرة أخرى في حركة سرمدية، كان هناك صوت يشبه الهدير خالطه صوت يشبه حنين ناقة تبحث عن وليدها. إنه صوت البحر الذي يصر على البقاء غامضاً مهما اقتربنا منه، تكتنفه أساطير البحارة والشعراء، جعلني ذلك أتخيله ككائن أسطوري عظيم.. كانت هناك بعض الأضواء الحمراء البعيدة وسط البحر، ربما تكون منارات للصيادين، أو ربما تكون لسفن تعبر الخليج إلى مكان ما، وفي الجهة الأخرى كانت تتراءى لي أضواء المدينة التي لم تستيقظ بعد، كان الظلام لا يزال يلف المكان وتسطع بعض الأضواء الملونة من أعالى المباني الشاهقة التي تنعكس صورتها على صفحة الماء، مشكلة ألواناً زاهية تتكسر بفعل الأمواج كلما تحركت وتعيد التشكل كلما هدأت.. كان هناك سرطان بحري ناسك لمع جسده الصغير على خيوط ضوء الفجر الخافتة، كان مشغولاً ببناء بيته بين الصخور التي بللها المد العالي في المساء، حاولت الإمساك به لكنه اندس في جحره الحجري واختفى في الظلام، وكانت هناك قطة صفراء سمينة، ربما كانت تصطاد أو تبحث عن بقايا الطعام الذي يخلفه البحر والناس.. مر قارب ربما يتبع لجهة حكومية، ثم قارب آخر حركا المياه مخلفين أمواجاً تشكل دوائر تتلاشى شيئاً فشيئاً متكسرة على الصخور. منظر شروق الشمس مذهل، أشعتها تسبقها في الأفق البعيد وكأنها تخرج من عمق البحر، ونسيم الصباح منعش ومشبع بشيء ما طعمه فيه شيء من اللذة، ورائحة البحر لها طعم آخر. أمل المهيري Amal.mehairi@admedia.ae