من البداية أعلن انحيازي وتعاطفي وتشجيعي للمنتخب الكوري الجنوبي اليوم أمام أوزبكستان، وبالرغم من أنني لست من أصحاب العيون الضيقة، وليست ملامحي كملامحهم، كما أنني بالطبع لا أتحدث “الهان كول” وهي أصل لغتهم، ولا ألبس الهان بوك، وحتى لا أستسيغ طعامهم الأشهر “الكيمتشي” ولا البولجوجي، إلا أنني أميل إليهم أكثر من أوزبكستان، على الرغم من أن الأخيرة ربما أقرب إلينا في القارة، وليس في الأمر عقدة معينة، وصدقوني لقد حاولت كثيراً أن أعرف هذا الشعور، ولماذا أنا ضد أوزبكستان، وربما تكون السداسية التي سقطوا بها هي السبب فقد هوت بهم، ليس في الملعب فقط، وإنما في صدورنا أيضاً.
وبالرغم من أن كوريا الجنوبية ذات التقويم القمري، ليست قريبة منا في غرب القارة، وهي أيضاً إحدى عقدنا الجديدة، وبالرغم من أنني لم أزرها من قبل وليس لي فيها أصدقاء، ولم أتجول في معبد بولدوكسا وسوك جورام أو أشاهد ألواح تريبيتاكا كوريانا، إلا أنني أجدها الأحق بالمركز الثالث، بل أراه أقل مما تستحق، وإذا كنت قد كتبت هنا بالأمس إن كوريا كانت تستحق أن تكون مع اليابان في النهائي، فليس أقل من أن أقول اليوم، إنها الأولى بالمركز الثالث.
وبعيداً عن العاطفة التي أوقعتني في أكثر من “ورطة” من قبل، فإن المهمة اليوم تبدو صعبة على الفريقين، ولا يمكن التعويل على الخسارة بنصف درزن باعتبارها مؤشراً لورطة “الأوزبك” وسقوطهم النفسي، فالفريق الذي كان يتطلع إلى الكثير لن يقبل الخروج صفر اليدين، كما أنه سيسعى لحفظ ماء الوجه من أجل محو آثار “الستة” وإن كنت أشك أنه سيستطيع، فبقدر ما كانت بدايته قوية وزاهية، بقدر ما جاء سقوطه ذريعاً أمام الأستراليين الذين صالوا وجالوا في المباراة السابقة بالدور قبل النهائي وتمكنوا من كسر أنفهم بجدارة.
كان فاديم إبراموف، حتى ما قبل مباراة نصف النهائي، نموذجاً للمدرب الطموح، وكان لاعبوه مضرب الأمثال، للدرجة التي طاردتهم معها عروض الاحتراف من كل وحدب وصوب، خاصة من الأندية القطرية التي لها تجربة معهم، وواصل المدرب الأرميني الأوزبكي استفزازه لمشاعرنا التي صعدت معه إلى السماء، وقال قبل المباراة إن أستراليا ليست البرازيل، في إشارة إلى أنه لا يعبأ ولا يكترث بها، والغريب أننا صدقناه، وبقدر ما كان الصدق في تصريحاته، بقدر ما كان الشعور بالمرارة التي لم تنل من الأوزبكيين وحدهم، وإنما نحن معهم، ولذا فإنني أعتقد أن تضامني اليوم مع كوريا، ربما يعود إلى هذه النقطة النفسية، بعد أن خذلنا فاديم وفريقه.
كوريا تستطيع أن تفعلها اليوم، لو قدمت عرضها الذي قدمته أمام اليابان، بعد أن سيطرت على معظم فترات المباراة، ولم تخذلها سوى ضربات الحظ أو الترجيح، ولديها جيل من اللاعبين بإمكانها أن تعول عليهم، فلا ينقصهم الحماس ولا اللياقة، والأهم أن خروجهم من نهائي البطولة التي سطروا فيها أمجاداً عديدة، سيجعل من المركز الثالث تحدياً لا بديل عنه، لا سيما أن الفريق الفائز بالمركز الثالث سيتأهل مباشرة إلى الأمم الآسيوية القادمة بأستراليا، وبالرغم من أن أصحاب الأرض ليسوا بحاجة إلى مركز شرفي ليشاركوا إلا أن النظام الجديد للبطولة، وضع الكثير من الكبار في مأزق، وأحسب أنه تصحيح جاء لينصف البطولة التي سيشعلها النظام الجديد ويرتقي بالمنافسات إلى سلم الطموحات الآسيوية عامة والعربية خاصة.

كلمة أخيرة:
الشجاعة لا يمكن أن تختزل في عبارات قبل المعركة.. لكن حقيقتها تظهر في صلب الصراع.


mohamed.albade@admedia.ae