من جديد نعود إلى الجماهير التي تشكو المدرجات من هجرانها، ونشكو نحن كثيراً من غيابها، فنعتب عليها تارة، و«نتعصب» تارة أخرى، غير أنه يبقى الجدل في هذه الدائرة لا ينتهي، خاصة مع تصاعد حالة العتاب من مدربنا الوطني مهدي علي الذي وصل به الأمر لدرجة أنه تمنى لو تقام المباريات خارج البلاد، وكنت قد كتبت إليه هنا بأن العتاب ممكن ولكن الخصام غير ممكن. ومنذ أن كتبت ما كتبت عن الجماهير ودعوة مدرب منتخبنا، والنقاش لا يزال دائراً مع «الربع»، حول ما قيل وما كُتب، ومع قناعة الجميع وإقرارهم بأن نقل المباريات غير وارد ولا مقبول ولا ممكن، إلا أن هناك في المقابل حالة من الدهشة تجاه ما يحدث من الجماهير وردة فعلها تجاه المنتخبات بالذات، فحضورها في أوقات كثيرة لا يوازي حضورها للأندية، والمفترض أن المنتخبات هي الأصل، وهي الأولى بالزحف الهائل، فمعها تتوحد كل الجماهير، ومعها تتحول التحزبات إلى أصل واحد، بلون واحد، تحت علم واحد. كما أن الدهشة تتعاظم، حين نطالع الحرب النفسية بين الأندية، في استعراضها لقوتها الجماهيرية، فالكل يرى نفسه الأكثر جماهيرية، والكل يؤكد أنه صاحب القاعدة الأكبر، ونطالع في بعض الأحيان في دورينا أرقاماً لا بأس بها، ربما جميعها لناد واحد، وهو ما نفتقده مع المنتخب، دون أن ندري.. هل حقاً للأندية هذه الشعبية، أم أن في الأمر شيئاً، وأنه لا يعدو كونه تسويقاً وتخطيطاً، وجلباً للباحثين عن هدية أو جائزة. ما رأيكم اليوم، لو أجرينا اختباراً حقيقياً لشعبية كل الأندية.. ما رأيكم لو طلبنا من جماهير الأندية أن تحضر مباراة منتخبنا مع البحرين، رافعة أعلام المنتخب مع ناديها، لنعرف فعلاً من صاحب القاعدة الأكبر.. ماذا لو أننا نظمنا اليوم مسابقة للنادي صاحب الشعبية الأكبر، وذلك على هامش «الديربي الخليجي» مع الأحمر، لنتأكد إن كان ما نسمع عنه من جماهيرية أنديتنا حقيقياً أو أنه مخطط له، وليس أكثر من فصل من فصول الصراع بين الأندية، سواء على الألقاب أو حتى الحضور الجماهيري؟ المفترض أنه لا صوت يعلو على صوت المنتخب، وأنه لا مجال ونحن خلفه لانتماءات محدودة لهذا النادي أو ذاك، ولكن إذا كان هذا هو السبيل لمعرفة الحقيقة، فما المانع أن نجرب، وليمنح اتحاد الكرة جائزة للجمهور الأعلى حضوراً، وليجد الجمهور مباراة هو الآخر، بإمكانه أيضاً أن يفوز فيها، بدلاً من أن يظل «يتفرج». نعم.. ربما الجمهور بحاجة إلى مباراة، وربما جمعيات الجماهير والروابط والألتراس والمسميات الكبيرة التي نسمع عنها، بحاجة إلى حافز لتفجر طاقاتها في المدرجات، فما المانع لو فعلها اتحاد الكرة في كل مباراة للمنتخب، وأعلن عن تنظيم مسابقة للجماهير الأكبر والأكثر حضوراً وقاعدة، ولو خصصنا «مربعات» داخل الملاعب لها، فكان هذا المربع لجمهور الجزيرة مثلاً، وذاك للوصل أو الأهلي، وذاك المكان للوحدة أو العين، وهكذا.. أعتقد أن الأمر ساعتها قد يوجد حالة من الإثارة بين الجماهير، حين تجد مع كل مباراة للمنتخب، مباراة أخرى بينها، تسفر عن فائز، وإن لم يحدث، حينها سنكتشف حقيقة «الفقاعة». كلمة أخيرة: نرحب بالزميل عارف العواني انضمامه إلى كتّاب «الاتحاد».. في إضافة جديدة نقدمها لقرائنا الذين يستحقون «همسة بو حمد» mohamed.albade@admedia.ae