قبل سنوات قليلة أقيمت مباراة ودية لمنتخب الإمارات مع أوزبكستان، ويومها كان المنتخب يستعد لمنافسة مهمة، وفي المنصة حضر المباراة أعضاء مجلس إدارة اتحاد الكرة آنذاك، وحضر كل “المعنيين” فيما عدا الجمهور، فقد تخلف عن الحضور. لا أزال أتذكر تلك التصريحات الغاضبة التي صدرت من الحاضرين آنذاك، وكان معظمهم من “المعنيين”، ومنهم أعضاء اتحاد الكرة الذين قالوا كلاماً إنشائياً فيه استنكار وعتاب، لموقف الجماهير وإصرارها على الغياب، كما ظهر مدربنا المواطن الذي كان يقود الفريق يومها متسائلاً عن أسرار تلك الجفوة المعتادة، بين الجمهور ومنتخب بلاده. وحينها ظهر إداريو الفريق على شاشات التلفزيون يعاتبون الجمهور على الغياب، إضافة إلى العديد من الآراء المشابهة من العاملين في اتحاد الكرة ومن “المعنيين”، كما كان المعلقون والمذيعون ينتقدون والصحفيون يكتبون، وظهرت إحدى الصحف بغلاف كان “مانشيته”، “الأبيض غريب في بيته”. ولأن التاريخ يعيد نفسه فقد أقيمت قبل أيام مباراة ودية بين منتخبي الإمارات وأوزبكستان، ولن أتحدث عن غياب الجمهور، ولكن عن غياب الذين كانوا “معنيين”، وأولئك الغاضبين والذين كانوا قبل سنوات قليلة ينتقدون. أولئك الذين كانوا يستنكرون غياب الجمهور في تلك المباراة سالفة الذكر، غابوا بلا عذر، فقد غاب أعضاء اتحاد الكرة السابقون، وغاب المدرب المواطن وجهازه المعاون، وغاب الإداريون السابقون، وغاب العاملون في اتحاد الكرة من الذين تركوا وظائفهم في الاتحاد، وغاب المعلقون والمذيعون والصحفيون، وبشكل عام غاب “المعنيون”. غاب الذين ملأوا الدنيا صراخاً وضجيجاً آنذاك بعد أن باعوا القضية، وبعد أن كانوا يقدمون محاضرات ودروساً في التضحية، كانوا يطالبون بمساندة اللاعبين والوقوف خلفهم، فما بالهم غيروا مواقفهم، وتخلوا عن شعاراتهم وعن أدنى مطالبهم، واختلفت مبادئهم باختلاف مناصبهم. إنه التناقض في أعلى درجاته، يعيشه البعض على صعيد حياته، فعندما تكون في دائرة المسؤولية فإنك تحضر وتهاجم من لا يحضر، وعندما تخرج من تلك الدائرة تبتلع كلامك السابق وتغيب بلا مبرر، لذا فمن يستطيع أن يفهم أسباب غياب أولئك الذين كانوا يوجدون في السابق لأسباب تتعلق بمناصبهم وطبيعة عملهم عن مباراة أوزبكستان وتخلفهم عن الحضور، سيكون قادراً على فهم واستيعاب أسباب غياب الجمهور. عندما تكون ضمن منظومة اتحاد الكرة فأنت من فئة “المعنيين”، وفي مباراة أوزبكستان الأخيرة غاب “المعنيون السابقون” وحضر الحاليون، وبعد سنوات قليلة ستقام مباراة ودية للمنتخب مع أوزبكستان ولن يحضرها الحاليون، ولكن سيحضرها المستقبليون، فالتاريخ يعيد نفسه ولكل زمان دولة و”معنيون”. Rashed.alzaabi@admedia.ae