ليس جديداً أن تغيب الجماهير عن حضور مباريات منتخباتنا، وهي تغيب في «الرسمي»، فما بالنا بالمباريات الودية، وقد «هرمنا» من كثرة ما رجوناها وطالبناها بأن تذهب إلى المدرجات، حتى ثبت لنا في النهاية، أنه لن يأتي بالجماهير سوى شيئين، النصر ثم النصر، والأمل في أن هذا النصر مقدمة لشيء كبير.. مقدمة لبطولة أو تأهل.. عندها يتصاعد الإيقاع وتتغير ملامح الصورة، وقد مررنا بتجارب سابقة، ومهدي علي مدرب المنتخب الذي شكا أمس الأول من غياب الجماهير عن مباراة أوزبكستان الودية، هو نفسه من يشهد بأن الجماهير آزرته في مرات خارج الحدود، فسافرت خلفه إلى السعودية في كأس آسيا للشباب، وزحفت خلفه إلى مصر، من الإسكندرية إلى السويس، وحتى في الصين مع المنتخب الأولمبي، وجدنا جمهوراً للإمارات، ورايتها ترفرف في المدرجات. نعترف بأن لدينا آفة في شحذ الهمم والقدرة على حشد الجماهير لمؤازرة فريقها، خاصة إذا كانت المباريات ودية، لكن هذا لا يعني أبداً الاتفاق مع مهدي علي في أمنيته أو مطلبه، بأن يلعب «الأبيض» بقية مبارياته خارج الإمارات، وذلك بدعوى أن يحقق الفريق الاستفادة المرجوة من مواجهة منتخبات قوية، معززة بجماهير غفيرة، تساعد لاعبيها على تفجير طاقاتهم والإحساس بمتعة مباريات كرة القدم.. أتفق معه في أن نتساءل وألا نمل من دعوة الجماهير، وأن نعتب عليها «ربما»، ولكن ليس في أن نبتعد عنها، أو أن نعاقب ولو متفرجاً واحداً لا يزال يحرص على الحضور، وألا نحرم الأرض من أن يجري فوقها أبناؤها. من حق مهدي أن يشعر بخيبة الأمل بسبب اللعب أمام مدرجات شبه خالية، ولكن هذا ليس جديداً، ومهدي ليس قادماً من خارج الوطن، ولم يكن في مهمة فاجأناه بعدها بما آلت إليه أمورنا، وما يشكو منه اليوم، شكا منه مدربون كثيرون، آخرهم كاتانيتش، لكن أحداً منهم لم يطلب مطلب مهدي ولم يقل إنه الحل، كما أن علينا أن نعترف أن الكرة في النهاية نتائج وانتصارات وبطولات، وإذا كان مهدي قاد جيل الأمل إلى إنجازات عظيمة وهائلة، فقد تحققت جميعها خارج حدود الوطن، أي أن اللاعبين اعتادوا هذا الأمر، أو على الأقل اعتادوا أن تكون غالبية المدرجات ضدهم، وهذا أصعب من قلة الجماهير، ففي السعودية، حيث كانت أمم آسيا، خرج أصحاب الأرض وبقينا، وفي مصر ودعنا بعد أصحاب الأرض، وفي قطر «خليجي المنتخبات الأولمبية»، كنا أفضل من العنابي، وفي الصين، حيث كانت «الآسياد» بقينا نحن واليابان، وعدنا من هناك بالفضية. وبعيداً عن «سالفة الجماهير»، فلا شك أن المنتخب في تطور، خاصة أن المنتخب الأوزبكي الذي واجهه أمس الأول ليس بالهين، غير أن علينا أن نفطن إلى مشاكل الدفاع، والتي كلفتنا هدفين، فبعد فترة كان الهجوم هاجسنا، تغيرت الحال، وأصبح الخط الخلفي هو ما يحتاج إلى ترميم، ويبدو أن هناك رابطاً بين ما يحدث في دورينا وما يحدث في المنتخب، وكلنا ثقة في أن مهدي قادر على تشخيص الداء والوصول إلى الدواء. كلمة أخيرة: غياب الجماهير ذريعة للعتاب لا أكثر ولا أقل، ولا يمكن أن يكون مدعاة للخصام والهجر mohamed.albade@admedia.ae