أول خطوة في طريق الارتقاء بفهمنا هي في تكوين فهم جديد لطبيعتنا الإنسانية وفي التعرف على الأبعاد الأخرى لوجودنا غير البعد الحسي الذي نعرفه جميعاً. فنحن بسبب طغيان الثقافات المادية على حياتنا صرنا لا نعرف عن أنفسنا إلا القليل..إننا أجساد تتحرك وتشعر وتكبر وتفنى وتموت. هذه رؤية ضيقة ينبغي التفوق عليها بفهم جديد عن حقيقتنا الأكبر، عن جسدنا الأكبر الذي نعيش داخله ويضم الروح والجسد والعقل معاً. الحقيقة الجديدة التي أثبتها العلم أننا لا نمتلك جسداً واحداً وإنما عدة أجساد متداخلة منها الفيزيائي المحسوس ومنها الجسد الأثيري غير المرئي الذي يتكون من عدة طبقات أو أجساد متلاصقة ومتداخلة مع نفسها. كل هذه الأجساد تحتاج إلى فهم لكي نتمكن من امتلاك مفاتيح التعامل معها لاحقاً. قيل الكثير عن الجسد الأثيري، عن الهالة التي تحيط بالكائنات الحية وهناك الكثير من النصوص القديمة التي تشرح هذا الجسد الأثيري وتشير إلى منافذ الطاقة منه إلى الجسم الفيزيائي. وقبل حوالي مئة سنة قام العالم السوفييتي كيرليان بتصوير هذه الهالة واثبات وجودها ليس حول الإنسان فقط وإنما حول جميع الكائنات والنباتات، وهذا تأكيد متأخر جدا للمعارف التي تحدث عنها المعلمون الروحيون القدماء من مختلف الثقافات ورفض العقل الرياضي المنطقي ان يصدقها وظنها كثيرون مجرد خرافات أو هلوسات. بالرجوع قليلا إلى رسومات البشر في الكهوف وفي الآثار نجدها جميعاً تؤكد وجود هذه الهالة التي رسموها على شكل دائرة من النور تحيط برأس الملك أو القائد أو الفرعون. لكن العالم كيرليان تمكن من إثبات وجودها حول الجسم البشري بالكامل. ورغم أهمية هذا الاكتشاف العلمي المذهل إلا أننا حتى اليوم لا نعرف أهميته في حياتنا. القلة القليلة جدا من البشر يعرفون ماهية الجسد الأثيري أو لديهم تصور عام وضبابي عنه رغم أهميته بالنسبة لهم وبالنسبة إلى كل إنسان. لكن ماهو هذا الجسد الأثيري وما هي أهميته في حياتنا وكيف يعمل؟ البعض يفسره بأنه حقل الطاقة الذي يحيط بالجسد الإنساني كما يحيط الغلاف الجوي بالأرض ويحميها. لكن الحقيقة أن هذا الجسد الأثيري المحيط بنا يتكون من عدة درجات أو طبقات، أو فلنقل عدة أجساد منها (جسد المشاعر) ثم (الجسد العقلي) ثم (الجسد الطاقي) ثم (الجسد الروحي) الشفاف. نعم كل هذه الأجساد تحيط بجسدنا الفيزيائي على شكل طبقات تتداخل مع بعضها ومع جسدنا العضوي. الوعي بوجود الجسد الأثيري من حولنا هو أحد مفاتيح تطوير الذات والوعي. وكما هو الحال مع الجسم المادي نستطيع ان نرفع من لياقة هذه الأجساد وأن نعالجها ونقوم بتنظيفها لكي نصل إلى مستوى التوازن فيها جميعا. هذا التوازن هو ما يحقق لنا العيش بفرح وبصحة جيدة ويفتح مجالات جديدة أمامنا لاكتشاف أسرار جديدة عن الحياة. كانت الروح تصرخ في صمتها العالي والقلوب تستغيث ونبضها يكبر في النداء لكن آذان البشر محشوّة بالطبل مفتوحة عيونهم في العماء إلى أن تبزغ الشمس قلبا مثل وجهك. akhozam@yahoo.com