عقب محاضرة مساء أمس الأول بالمجلس العامر للفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، روى سموه قصة مؤثرة عن حديثه مع القائد المؤسس الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب، الله ثراه، الذي سأل نجله عن مشاهداته في رحلة قام بها سموه في الثمانينيات من القرن الماضي، وبعد تشعب الحديث، حدثه عن الظروف المعيشية القاسية التي تعيشها قبائل الماساي الأفريقية، فكان سؤال الراحل الكبير، وماذا فعلت من أجلهم؟. فرد الشيخ محمد بأنه لم يفعل لهم شيئاً، وهم غير مسلمين، فأمسك المغفور له بإذن الله يد نجله، وحدق في عينيه لعشر ثوان، قبل أن يقول له “إن الذي خلقك، هو الذي خلقهم”، ناصحا إياه بأن يبدأ بمساعدتهم بحفر بئر ماء. و”اليوم- كما قال سموه- هناك 29 بئراً و27 قرية تتوافر لدى العائلات في كل منها آبار الماء وعيادة ومدرسة”.
سؤال ورد عملي جسدا حب العطاء ومساعدة كل محتاج أينما كان ومهما كانت ملته، وتعبير في المقام الأول عن روح العطاء الذي ميز مسيرة الإمارات ورسم نهجه القائد المؤسس رحمه الله.
وأشار سمو ولي عهد أبوظبي لجهود ضيفه المحاضر بيل جيتس “الذي يقوم بجهد محمود لاستئصال مرض شلل الأطفال في أوساط السكان المسلمين في شمال نيجيريا وكذلك في كل من باكستان وأفغانستان، وهو الرجل غير المسلم، والذي رصد لمشروعه الجميل ملياري دولار، وينفذه في ظروف صعبة”. معرباً سموه عن اعتزازه وسعادته للمشاركة في المشروع.
إن الحرص على مد يد العون والمساعدة للمجتمعات المحرومة والمحتاجة نهج راسخ وممارسة متأصلة لدى أبناء الإمارات، مترسمين خطى القائد المؤسس، ومضى على ذات النهج قائد مسيرة الخير صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله.
وبهذا الحرص تصدرت دولة الإمارات ميادين العمل الخيري والإنساني، حيث تجد أبناء الإمارات ومتطوعيها في مقدمة الواصلين لإغاثة من تقلبت بهم صروف الدهر من كوارث طبيعية أو من صنع الإنسان. لتصبح اليوم أول دولة من خارج مجموعة الدول الصناعية تخصص ما يزيد على واحد بالمائة من ناتجها القومي لصالح المساعدات الإنسانية والخارجية، وبلغ إجمالي ما قدمته 34 جهة مانحة ومؤسسات خيرية وإنسانية في الدولة العام الماضي7.74 مليار درهم غمرت أكثر من نصف سكان المعمورة.
محاضرة مساء أمس الأول بمجلس محمد بن زايد، كانت مناسبة للاقتراب من نماذج نادرة من أمثال بيل جيتس يرون في العطاء أداة لتغيير العالم، وظروف ملايين البشر في مجتمعات محرومة، وتسخير ثرواتهم للتخفيف من معاناتهم وإسعادهم.
جيتس الذي لا يعرف الكثيرون سوى أنه من أغنى أغنياء العالم ومؤسس شركة مايكروسوفت، خصص 95% من ثروته للأعمال الخيرية والإنسانية، ومطاردة أمراض وأوبئة تفتك بالطفولة وبالإنسان في الكثير من مناطق العالم، وتفرغ كذلك لإقناع أمثاله من أصحاب الثروات الطائلة للمساهمة لجعل مستقبل البشرية أكثر إشراقا وأزهى إنسانية بروح عطاء تفخر الإمارات بأنه من سمات نهج جعل منها عنوانا للخير ومنارة لعطاء بلا حدود دون تمييز للون أو عرق أو معتقد.


ali.alamodi@admedia.ae