لم تعد الخادمات أو العاملات في المنزل مجرد ترف، بات وجودهن حاجة ملحة وضرورية فرضها واقع الحياة التي نحياها، خروج المرأة إلى العمل من الثامنة صباحاً وحتى الرابعة والنصف مساءً كمعدل متفق عليه في معظم الوظائف، بالإضافة إلى أن هناك أبناء في المدارس بمراحل عمرية متفاوتة يعودون إلى المنزل في أوقات مختلفة، ووجود أبناء آخرين في المنزل دون السن الدراسية، كل هذا وغيره جعل من وجود الخادمات أمراً لا مفر منه. المشاكل التي يتسبب الخدم بها ليست جديدة هي موجودة، ولكنها تفاقمت أكثر وباتت أكثر وضوحاً وخطراً عما كانت عليه، فلم يعد الهاجس الذي يؤرقنا هو تأثير الخدم على سلوكيات أبنائنا أو لغتهم بالقدر الذي بات الخوف على حياة أطفالنا من غدر بعض هؤلاء الخدم، وأسباب المشكلات لم تعد مقتصرة على كيف تعامل العامل أو المربية لديك أو كيف يقومون بتنشئة أطفالنا والاعتناء بهم، بل هل بات أبناؤنا في مأمن بين أيدي هؤلاء الخدم؟ جرائم الخدم التي انتشرت مؤخراً في منطقة الخليج خصوصاً بعد مقتل الطفلة “ينبع” السعودية، البالغة من العمر 4 سنوات، والتي كانت حديث المنطقة، والذي تداولته وسائل الإعلام، أثارت ضجة وهلعاً في المجتمعات. هذه الجريمة وغيرها من الجرائم، طرحت عدة تساؤلات مهمة أين دور الحضانة؟ أين هي المؤسسات التي تخدم الأمهات والآباء؟ كيف يمكن أن نحمي أبناءنا من هذه الظواهر؟ من يقيم معنا في المنزل؟ ..إلخ. دائما الحلول لمثل هذه الظواهر تكون جماعية وليست مقتصرة على المنزل والأهل فقط، بل المجتمع ككل، فعلى جميع المؤسسات والشركات أن تعي بأن إنتاج الأم العاملة يكون أفضل، عندما يكون ذهنها حاضرا في العمل ولا يتم هذا الأمر إلا بتوفير دور حضانة لأبنائها، بالإضافة إلى مراعاة الأم العاملة فيما يخص ساعات العمل الطويلة، ورفع الوعي لدى الآباء بالدور الذي يجب على الخادمة القيام به فهي عاملة وليست أماً ولا أباً، وفهم الأدوار يساعد كثيرا في حل المشاكل اليومية للعاملات. كنا ومازلنا نشتكي من المبالغ الضخمة التي يتم دفعها لاستجلاب العمالة المساعدة لنا، ولكن تبدو الخسائر ليست مادية فقط، هناك أرواح وأجيال ستعيش في خطر حقيقي في حال اتكالنا على هذه العمالة سواء كانت خادمة أو سائق..إلخ، هناك أطفالنا وضحكاتهم البريئة التي تملأ المنزل، هناك المستقبل الذي ينتظرهم، ليحاول الأهل إعادة النظر ووضع ميزان لقياس مدى أهمية هؤلاء الخدم في حياتهم، وان كنت أرى في بيت العائلة الكبير الحل الأمثل فبغياب الأبوين هناك الجد والجدة وبقية أفراد العائلة، لنعيد النظر بما نحتاج وما يفترض أن نقوم به. أمينة عوض | ameena.awadh@admedia.ae