رشحت الأيام السابقة إعلامياً واجتماعياً، عن قصص خبرية مأساوية خرجت معظمها من بيوتنا، وتمحورت حول المعاملة الإجرامية التي يتعرض لها الأطفال من قبل خادمات المنازل، أو ممن تعارف الناس على وصفهن خطأ بـ”المربيات”، وهن أبعد ما يكن عن هذه الصفة أو الوظيفة، وللإنصاف فإن أساس الخطأ مرده إلى أننا منحنا من لا يستحق ثقة مطلقة في غير مكانها، إضافة إلى تكليف أشخاص غير مؤهلين تربوياً ونفسياً الإشراف والتعامل والعناية بأطفال في سن حرج وصغير وحساس جداً، دون أدنى حذر أو رقابة، وهنا فلابد من أن نعترف بأن الخطأ لا يقع كله على الخادمات حتى ولو ثبت قيامهن بالجرم المشهود! لا أدافع عن الجريمة، ولا عن المجرم، لكن القاعدة تؤكد أن “النتائج رهن بالمقدمات”، ولو أننا تفحصنا المقدمات والحيثيات لعرفنا بأن الجرائم التي نتابعها ونسمع عنها نتيجة منطقية، وعليه فلابد أن نتنبه إلى أن الدوافع النفسية التي تحرك هؤلاء الخدم مهمة للغاية، أما العامل الاقتصادي، فليس محركاً لصنع أحداث التاريخ فقط، ولكنه عامل مهم في الجريمة، أما الاختلافات الثقافية الجذرية فلا يجوز المرور عليها بهذا التجاوز والتساهل الذي يقوم به بعض الناس! قلنا مراراً، إنه لا يصح ولا يقبل أن نأتي بامرأة فقيرة جاهلة ومحرومة ومتحدرة من بيئة لا نعلم تفاصيلها، لكننا نعلم على الأقل بأنها محكومة بعوامل اقتصادية غاية في الصعوبة، وبحرمان مادي ونفسي وعاطفي، إضافة إلى عامل الجهل بالمكان الذي أتت إليه وبمكوناته الثقافية وأسسه الدينية والعاطفية، وتحت ضغط العمل ندفع إليها بمنزلنا ونظام غذائنا وأطفالنا، ثم نطلب منها أن تمنحنا تربية وتغذية وتنظيفاً وعناية و... ألا تبدو هذه المعادلة غير منطقية وغير مقبولة ؟ إذن فلابد أن النتيجة مع مرور الوقت ستكون مجموعة من التجاوزات في حقنا، وفي حق أطفالنا وربما في حق آخرين!! إن أي امرأة إماراتية اليوم محكومة بواقع انخراطها في العمل بكل ما يعنيه العمل من التزامات وضغوط ، وفي ظل وجود الأطفال والأبناء بكل متطلباتهم الكثيرة والمتعددة، إضافة لحياتنا ومنازلنا الكبيرة، وعلاقاتنا الاجتماعية المتشعبة، إن هذا وغيره يرتب أو يقتضي وجود عمالة مساعدة، وقد كان الأمر سيبدو طبيعياً ومقبولاً، لو أنه بقي في إطاره الصحيح: المساعدة أو المساندة، لكن المبالغة التي نقع فيها بتخلينا الكامل عن كل دورنا في العناية بشؤوننا الخاصة وبيوتنا وأطفالنا، وإلقاء العبء كاملاً على هؤلاء الخادمات هو ما يقود لكل ما نسمع عنه، ونعانيه يومياً ، والأهم هؤلاء الأطفال الذين لاحول لهم ولا قوة يدفعون أثماناً باهظة دون سبب !! إن قرار دور الحضانة التي بادر بها صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي حاكم الشارقة، والتي ستنتشر في كافة أحياء الإمارة وبإشراف فتيات إماراتيات تعتبر حلاً سليماً لابد من تعميمه، إضافة لمراجعة شاملة لطبيعة أدوارنا في منازلنا، فهذه الاتكالية غير المبررة تجعلنا محط طمع واعتداء وتجاوز الآخرين علينا، ولو أننا تنبهنا قليلاً لنظرتهن لنا، وتناقلهن أو إفشائهن لأسرار منازلنا لأعدنا النظر في حجم الدور الذي نمنحهن إياه! ayya-222@hotmail.com