بالأمس، انشغلت بفعل العمل، والمد الصحفي، وبفعل الساحة وما يدور فيها، بموضوع تراخيص الأندية، ولماذا أقرته الاتحادات الدولية ومنها الاتحاد الآسيوي، وماذا يعني وكيف يُنجز، وما هي الشروط والمعايير. بدأت بمحاولة الفهم للموضوع الذي نفرد له ملفاً خاصاً على صفحاتنا اليوم، وانتهيت بـ«وجع رأس» قاس، وحالة من الملل، نالت الاتحاد الآسيوي أيضاً، فالمعايير والطلبات فوق الحصر، وكل بند تتفرع عنه نقاط، والنقطة تشمل مباحث، والمبحث له فصول، لدرجة أن الإصدار الأول من «لائحة ترخيص الأندية الإماراتية»، تشبه كتبنا «ثقيلة الفهم والظل» أيام الجامعة، أو مثل كتب الفيزياء والرياضيات أيام الثانوية، لكننا مجبرون على «السمع والطاعة»، وأن نسير في الطريق الذي رسمه لنا الاتحاد، سواء شئنا أم أبينا، فهو قدر أندية القارة الصفراء ونحن منها، لكن لست أدري لماذا أشعر بأنه يأتي عندنا ويبدو قاسياً صارما، ويعطينا من طرف لسان «لجان التفتيش» حلاوة، ثم يراوغك بعد ذلك. منذ أن بدأنا السير في طريق الاحتراف، ونحن نستقبل لجنة ونودع أخرى، وبلغ بنا الحرص مداه، فأحضرنا ميشيل تشاي سكرتيرة لجنة المسابقات بالاتحاد الآسيوي، وجعلناها مسؤولة التراخيص بلجنة دوري المحترفين، وهو ما يعني أننا «جبنا من الآخر»، فلا أحد أدرى منها بما يحتاج الاتحاد الآسيوي ولا ما تحتاجه أنديتنا، وفي الوقت نفسه، لا يمكن بنظرة سريعة أن نقول إن كرة الإمارات ينقصها شيء لتبدو محترفة، وأن المعايير الستة الرئيسية التي يجب على الأندية تطبيقها للحصول على رخصة ناد محترف ليست بالأمر المستحيل، حتى وإن كانت تتضمن 62 معياراً فرعياً منها 42 يجب البدء في تطبيقها فوراً، لا سيما بالنسبة للأندية الأربعة المشاركة بدوري الأبطال. أكثر شيء كنت شغوفاً بمعرفته هو لماذا هذه الصرامة وهذه الشدة في موضوع التراخيص، ووفق ما أورده الاتحاد الآسيوي نفسه، فإن النظام موضوع بهدف الحفاظ على نزاهة مسابقات الأندية على المستوى المحلي والقاري، والسماح بإجراء مقارنة مرجعية للأندية، وتحسين وتطوير معايير كرة القدم المحلية بشكل مستمر، وإعطاء الأولوية لتدريب ورعاية الناشئين في جميع الأندية، وتحسين مستوى الإدارة والتنظيم داخل الأندية، وتنمية القدرة المالية والاقتصادية لها ورفع درجة شفافيتها مع توجيه الاهتمام اللازم لحماية الدائنين، وتحسين البنية التحتية وضمان استمرار المسابقات الدولية، وغيرها من الأمور «الفضفاضة» والمثالية، وكأن الاتحاد الآسيوي يبحث عن المدينة الفاضلة. الغريب والمدهش، وما قفز إلى ذهني بعد هذه الجولة في مثاليات الاتحاد الآسيوي التي هي نفسها جزء من «مدينة الفيفا الفاضلة»، كنت على يقين بأنه سواء الاتحاد الدولي أو نظيره القاري، أحوج للمعايير من الأندية، ولا أقصد أنديتنا فقط، وإنما كل أندية العالم، فعلى الأقل نحن نعرف ما يدور فيها، لكن الكثير مما يدور في الاتحادين الدولي والقاري لا نعلمه إلا إذا احتدمت الحروب بين الأقطاب وتصارعت «الهوامير»، وما فعله بلاتر مع ابن همام وجاك وارنر ليس ببعيد، وما قيل عن الفيفا يعرفه القاصي والداني، لكن قدرهم أنهم على رأس الامبراطورية، وليس علينا سوى السمع والطاعة. كلمة أخيرة: الكلام الذي لا تفهمه.. فلسفة أناس يحاولون استغلالك محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae