في كل موسم تكون قضية الجماهير هي الشغل الشاغل، وغيابها مشكلة المشاكل، ولن يتوقف الحديث عنها إلى أن نعثر على الحل المناسب، وتعود الجماهير إلى الملاعب، ولكن ما هو تعريف الجماهير؟ فهل هم أولئك الذين يذهبون إلى المدرجات خلف فرقهم بدافع الحب والولاء والانتماء دون أن ينتظروا المقابل، أم هم أولئك الذين تجذبهم أصوات الطبول، ويقضون وقت المباراة في فواصل من الرقص والزمر، وبمجرد إعلان صافرة الحكم يذهب كل منهم إلى حال سبيله غير عابئ أو مكترث بالنتيجة النهائية للمباراة. وإن حاولت بعض إدارات الأندية تجميل الصورة وفعلت الممكن وغير الممكن، من خلال الزج بجماهير مدفوعة الثمن، فهي لا يمكن أن تفلح، ومساعيها لن تنجح، فتلك الجماهير التي تعمل بنظام المكافأة المقطوعة، هي أشبه ببطاقة الهاتف المدفوعة، ومهما بالغت في التمثيل وأظهرت حماسها الشديد، ستخرج عن نطاق الخدمة عندما ينفد الرصيد. بالأمس، أعجبني كلام طارق عبدالله سالم مدير المركز الإعلامي في نادي الوصل، الذي أكد أن ارتفاع عدد المشجعين في مباريات الفريق يعود إلى “الألتراس الوصلاوي”، الذي يمثل القاعدة الجماهيرية الكبيرة للنادي، فلا توجد روابط وجمعية جماهير، والنادي لا يدفع مبالغ مالية لتأجير جماهير للتشجيع، وتم إلغاء رابطة المشجعين عام 2007، وهناك بطاقات للعضوية لكل المنضمين إلى “الألتراس”. هذه هي النتيجة التي نريد أن نصل إليها، وهي أن يكون لكل نادٍ مشجعون يدينون له بالولاء ويقدم لهم ما يشعرهم بالانتماء، فهم ليسوا مطالبين بالبقاء في رابطة مشجعين تتخذ أفضل موقع في المدرجات، ويقودها أشخاص ممسكون بمكبرات للصوت، ويملأون الملعب ضجيجاً، والمضحك المبكي عندما يوجد من يصدق أن هذا الإزعاج والزمر وقرع الطبول لها فعل السحر في إشعال جذوة الحماس لدى اللاعبين، مع أنها تبدو لي نذر معركة حربية، جاء بها أحدهم إلينا من عصر الجاهلية. ندرك تماماً أن إدارات الأندية تبذل جهوداً جبارة في سبيل التعاقد مع أفضل الأجهزة الفنية، والتوقيع مع خيرة اللاعبين، وتوفير البيئة المناسبة من أجل تحقيق النتائج المطلوبة، ولكن ماذا عن الجماهير؟ ولماذا سقطت هذه الفئة المهمة من حسابات إدارات الأندية عمداً أو سهواً، على الرغم من أن هذه الجماهير هي التي ستنجو من كل القافلة، أما إدارات الأندية، فطال الزمان أو قصر هي بلا شك راحلة. مسك الختام: الحب والولاء والانتماء في ملاعب الكرة، هي أمور نادرة، لا تفهمها الجماهير المستأجرة، فهي قضية أخرى وهي أشياء لا تشترى. راشد إبراهيم الزعابي | Rashed.alzaabi@admedia.ae