العرب والمسلمون لم يستطيعوا على مر تاريخهم الحديث، وبعدما عرفت السينما والتلفزيون كأدوات إعلامية عالمية مؤثرة، وتصل إلى الجميع في الجهات الأربع، وبوقت قياسي أن ينتجوا فيلماً ذي مواصفات فنية عالمية راقية، وثائقياً كان أو درامياً، يمكنه أن يقول للعالم: نحن مختلفون عما تروننا في إعلامكم، وغير متشابهين كما تقرأوننا في جملة واحدة، وبعيدين كل البعد عما تتصوروننا في أذهانكم، هذا إذا ما استثنينا فيلمي “الرسالة وعمر المختار” اللذين كان وراء إنتاجهما واحد من حسناته هذين الفيلمين، رغم فلسفته بتبني العنف، وتصدير الإرهاب، هو العقيد القذافي، وواحد راح ضحية الإرهاب والعنف المجتمعي، هو المخرج مصطفى العقاد، عدا ذلك أصبحنا متلقين، ومتحفزين، وقابلين للانفجار في دوامات الغضب، وردات الفعل غير المحسوبة، بإمكان فيلم رخيص مصور بكاميرا فيديو للهواة أن يشعل العالم العربي والإسلامي، لأن هناك جملة تسيء لإرثنا أو ديننا أو نبينا أو هناك تلفيقات خاطئة يقصد بها الاستهزاء والحط من قيمنا وعادتنا، فننفجر مصدرين فتاوى القتل العابرة للقارات، ونافخي أبواق السباب والشتائم علنا، جهراً في وجه الغرب وثقافته، ومنجزاته الحضارية التي ننسى أننا أول من يتمتع ويستمتع بها، لم نستطع رغم ثرواتنا المالية المبددة أن نخلق إعلاماً يحترم نفسه ورسالته، ويقدم أمورنا بشفافية، ولغة حوارية متحضرة، بعيداً عن زعيق وفبركات البرامج السياسية الحوارية، واللغة السوقية والسباب اللا أخلاقية التي يمكن أن يكيلها ضيف يدعي التدين ويدعي دفاعه عن الرسول الكريم من باب المتاجرة الدينية، ويقول لمحاوره: يا ابن الفاجرة، وأيها الكلب الضال، وسنلاحقك لنقتلك، وغيرها، ناسياً أن الرسول الكريم، كان يعلمنا أن نعرض عن الجاهلين والحمقى لكي يقدر الناس على التفريق بيننا وبينهم، وكان يتلقى صلى الله عليه وسلم السباب ولا يعيره الاهتمام، ويكبر ويتعالى على الأذى سواء جاء من كفار أو يهود أو مسلمين، لأنه لم يبعث شتّاماً، لعّاناً، إنما بعث ليتمم مكارم الأخلاق، نحن العرب والمسلمين كثيراً ما نحول قضايا الرابحة إلى قضايا خاسرة بأنفسنا، وصنع أيدينا، وبإمكان أي قضية صغيرة نظل ننفخ فيها من غضبنا غير المدروس، وذهاب عقولنا في الحماسة، فنكبّرها ونصدّرها إلى العالم، وكان الأجدر أن ندفنها في مهدها بطريقة يفهمها الغرب، ويسمع تحاورنا وجدالنا بشأنها، لا أن نشهر سيوف الغضب الأحمق، نحارب شياطين كثيرة غير مرئية لمجرد أنهم غلطوا في حقنا، وحق حضارتنا، وثقافتنا الدينية، وبالتالي نصدّر لهم ردات أفعالنا التي لا تجدي نفعاً، ولا نصدّر لهم أفعالاً مدروسة، يمكن أن تؤثر فيهم، وتغير قناعاتهم، ونكسب الكثير منهم لصفنا وقضايانا، اليوم نحن نخلق عداوات مجانية بسبب تولي الجهلاء والمتطرفين أمور الرد على الآخر بالسب والشتم واللعن في دبر الصلاة، ويغيب العقلاء، ويهمش صوتهم وحوارهم الحضاري الذي يمكن أن يؤثر، ويغير! ناصر الظاهري | amood8@yahoo.com