من حق برانكو أن يسعد بالكثيري فقد جاءه بالنبأ اليقين، وأهدى «السعادة» للوحدة في وقت قاتل من مباراة الفريق أمام الشباب أمس الأول، ومن حق الكثيري أن يفرح أكثر من غيره، فقد صبر كثيراً، ولا زال مطلوباً منه أن يصبر، فقط لأنه مهاجم، ورأس حربة، في زمن بات فيه الحصول على فرصة في هذا المركز من براثن الأجانب، أصعب من أي شيء آخر، فالأندية تهرول إلى أصحاب «القبعات» ولها منطقها في ذلك، فطالما أنها تدفع الملايين، فهي تريد من «ينجز»، ولتترك بقية المهام في الخطوط الأخرى، لما تيسر من لاعبين. الكثيري أو الفتى الذهبي، بات عنواناً للتحدي، مثلما كان في الأيام عنواناً لأزمة المهاجم المواطن، فاللاعب القناص، تولدت لديه قناعة في أيام سابقة بأنه مظلوم، ولو تملك منه هذا الإحساس ما لامه أحد، وعلى الرغم من أننا ضيعنا «ألف كثيري» قبله، بسبب الاستحواذ الطاغي للأجانب على مركز المهاجمين، إلا أننا في الفترة الأخيرة، ومع دخول عالم الاحتراف، انتظرنا وانتظر معنا الكثيري انفراجة لم تأت، وربما لولا أن ظروف الوحدة، دفعته للاعتماد على المهاجم المواطن، ما كان هذا التألق الذي شهدناه أمس الأول، وكأنه يرد ألف مرة، وبعدد الأيام التي قضاها في الانتظار، ليهدي الوحدة أغلى هدف في الدقيقة 90 من مباراته أمام الشباب. ولعل ما قاله الكثيري بعد المباراة منطقي، ويعبر عما في نفسه، ففي وسط الفرحة، أصبح مناضلاً عن قضيته، فطالب الأندية بمنح الفرصة للمهاجمين المواطنين وأن تصبر عليهم مثلما تصبر على الأجانب، وله كل الحق فيما قال، فإذا كان الصبر على القادمين من الخارج ممكناً فهو أولى بأبنائنا وأكثر مما نمنح الأجانب. أما مدربه برانكو فقد أشاد بالكثيري بصفة خاصة، وقال إنه تحدث إليه قبل المباراة، وقال له «مثلما يمتلك الشباب مهاجماً مثل سياو، فإن الوحدة لديه الكثيري»، وهي عبارة لها دلالاتها النفسية، وأعتقد أنها مثلما هي مفتاح لشخصية الرجل الذي يعرف كيف يتكلم مع لاعبيه، كانت سبباً فيما حدث، وفي رد الكثيري السريع على مدربه، بهدف جميل، لم يمنح الوحدة ثلاث نقاط فحسب، وإنما منحه مفتاح الأمل مع بدايات الدوري. قضية الكثيري ذاتها، حاضرة بقوة في حوار مهدي علي مدرب المنتخب مع الاتحاد اليوم، وعلى الرغم من الدهشة التي ترافق تصريحاته بخصوص إجبار اتحاد الكرة للأندية على الدفع باللاعبين الدوليين في المباريات، إلا أنه يبقى للرجل منطقه المقبول والمقنع، لا سيما عندما طرح معادلة بسيطة، مؤداها أن من يبقي لاعبه الدولي على «دكة الاحتياط»، فإن ذلك معناه أنه لا يريده، وهنا يمكن أن يعيره لناد غيره أكثر حاجة إليه، فيحافظ على موارده من جانب، وعلى لاعبه من جانب آخر، كما أن ما قاله مهدي من حجم الجدوى الفنية من الأجانب الأربعة، يجب أن يكون محل تقييم فني من آن لآخر، فالهدف دائماً كان مصلحة كرة الإمارات، وإذا ما وجدنا في وقت من الأوقات أن ما استقررنا عليه من قبل يحتاج إلى مراجعة، فليكن، لأنها ليست «دساتير»، وإنما هي اجتهادات. كلمة أخيرة: خطأ واحد يمكن تداركه لكن الخطأ الذي يستمر سنوات يصبح «خطيئة» محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae