أثارت الزاوية الأخيرة، الخميس الماضي، والتي حملت عنوان «من أجل 69»، ردود فعل، بقدر ما أسعدتني، بقدر ما ساهمت في إضافة رؤى جديدة، قد تساهم ولو بجزء يسير في حل معضلة الحضور الهزيل للجماهير في المدرجات. أكثر ردود الفعل منهجية وعلمية، كانت من الأخ الفاضل غانم الهاجري رئيس اتحاد اليد السابق، ولعل أكثر ما أسعدني في رده على الزاوية، تأكيده أنها استحثته على «العودة للمشاركة والخوض في غمار المعاناة والانشغال الذهني والتبصر»، بعد أن كان قد قرر أن يبتعد بنفسه «عن الخوض في بحر الرياضة والاكتفاء بمتعة المتابعة من الشاطئ»، ولست أدري لماذا تبتعد قياداتنا الرياضية وكوادرنا الوطنية بهذا الشكل، وهل في الأمر شيء لا نعلمه. المهم أن الهاجري يرى أن « هامش الربح البشري» للمعادلة الجماهيرية في دوري المحترفين، ليس موازياً لما يُنفق، ولما نتكبده من أجل إبراز الدوري بصورة «عالية الجودة»، ويؤكد أن الاستنباط العلمي الرياضي يحتاج إلى بيانات سليمة، هي بدورها ستجعل نظرتنا جميعاً للحلول سليمة وشمولية لاتخاذ قرارات وإبداء آراء سليمة. ويمثل طرح الهاجري، رؤية علمية عميقة، ربما صقلتها التجربة الميدانية من واقع خبرته كرئيس لاتحاد كرة اليد، ومنغمس في الشأن الرياضي، ولذا فعلى الرغم من تأكيده على أن تقنيات نقل دوري المحترفين ربما زادت 10 أضعاف عما كانت عليه في الماضي، لكنه يرى أن آفتنا الكبرى، أننا أغفلنا شريحة كبيرة تمثل رأس مال بشرياً هائلاً، ممثلة في الجاليات آخذاً على جميع قنواتنا وموادها توجهها إلى شريحة معينة وفئة بعينها، سمّاها «شريحة الكندورة»، التي بات مطلوباً منها ومعلقاً بناصيتها كل شيء، فهي التي تلعب وهي التي عليها أن تشاهد، بينما منحنا من بيننا من مقيمين أعزاء كل شيء، خدمات صحية وتعليمية وعيشاً رغيداً، وبخلنا عليهم بالرياضة. والحقيقة أن كلام الهاجري، يمثل رؤية عميقة وربما البحث فيها وطرحها للنقاش يغنينا عن الكثير من الجدل الذي يتجدد كل فترة دون أن نحرز جديداً، وقد يصل بنا إلى حل المشكلة من جذورها، ومناقشة طرحه، غير ممكنة في هذه الزاوية الضيقة، لكني أؤكد أنني شخصياً استمتعت بطرحه الوافي، وأراه مدخلاً مهماً لنظرة أوسع وأشمل ليس لقضية الجماهير فقط، وإنما للرياضة بشكل عام. نظرة أخرى، طرحها الأخ سالم أحمد الحوسني، الذي يرى أن السبب الرئيسي لعزوف الجماهير عن المباريات يتمثل في تقصير الجهة المسؤولة عن دوري المحترفين فيما يخص الترويج للمباريات الأسبوعية، إذ يرى أشكال الترويج نمطية ومكررة، وهي نفسها التي كنا نلجأ إليها أيام التسعينيات. ويقترح الحوسني ابتكار أساليب جديدة، منها استحداث شخصيات كرتونية تمثل الأندية ليرتبط بها الصغار والكبار، مستدلاً بتجارب في الدوري الياباني لترويجه وتقريبه من الجماهير. كما يطالب الحوسني الأندية بأن تكون أكثر مرونة في تخصيص الأماكن للجماهير، وألا تتعنت بتخصيص المدرجات خلف المرمى لجمهور النادي الضيف، ليقطع أحد الجماهير مسافة تزيد عن 150 كيلومتراً ، ثم يفاجأ بجلوسه خلف المرمى وهي أسوأ زاوية بأي ملعب مع العلم بأن المدرج والمنصة شبه خالية، وللحديث بقية إن شاء الله. كلمة أخيرة: البوح أول طريق التشخيص والعلاج محمد البادع | mohamed.albade@admedia.ae