تترادف معاني الألفاظ في العربية، ولكن تبقى هناك بعض الفروق بينها، فالإرادة والاختيار والإيثار، تحمل كثيراً من المعاني المشتركة، فكلها أنواع من الإرادة إلا أن هناك فرقاً بين الإرادة والاختيار، وهو أن الاختيار إرادة الشيء بدلاً من غيره، ولا يكون مع خطور المختار وغيره بالبال، ويكون إرادة للفعل لم يخطر بالبال غيره، وأصل الاختيار الخير، فالمختار هو المريد لخير الشيئين في الحقيقة، أو خير الشيئين عند نفسه من غير إلجاء واضطرار، ولو اضطر الإنسان إلى إرادة شيء، لم يسم مختاراً له لأن الاختيار خلاف الاضطرار. أما الفرق بين الاختِيار والإيَثار فهو أن الإيثار على ما قيل هو الاختيار المقدم، والشاهد قوله تعالى: (قَالُوا تَاللَّهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا) أي قدَّم اختيارك علينا، وذلك أنَّهم كلَّهم كانوا مختارين عند الله تعالى لأنهم كانوا أنبياء: واتّسع في الاختيار، فقيل لأفعال الجوارح: اختيارية، تفرقة بين حركة البطش وحركة الْمَجَسِّ وحركة المرتعش، وتقول: اخترت الْمَرْويَّ على الكتان أي اخترت لبس هذا على لبس هذا، وقال تعالى (وَلَقَدِ اخْتَرْنَاهُمْ عَلَى عِلْمٍ عَلَى الْعَالَمِينَ)، “الدخان”، أي اخترنا إرسالهم، وتقول في الفاعل: مختار لكذا، وفي المفعول: مختار من كذا، وعندنا أن قوله تعالى (... آثَرَكَ اللَّهُ عَلَيْنَا...)، معناه أنه فضلك الله علينا، وأنت من أهل الأثرة عندي: أي ممن أفضله على غيره بتأثير الخير والنفع عنده، واخترتك أخذتك للخير الذي فيك في نفسك ولهذا يقال آثرتك بهذا الثوب وهذا الدينار، ولا يقال: اخترتك به، وإنما يقال: اخترتك لهذا الأمر، فالفرق بين الإيثار والاختيار بيِّن من هذا الوجه. يقال في المثل “أَدَقُّ من خَيْطِ باطل”، وفيه قولان: أحدهما أنه الهباءُ الذي يكون في ضوء الشمس، فيدخل من الكوَّة في البيت. والثاني أنه الخيط الذي يخرج من فم العنكبوت ويسميه الصبيان: مخاط الشيطان. وهذا القول أجود. قال الجوهري: خيط باطل، ولعاب الشمس، ومخاط الشيطان، واحدٌ. وكان لقب مروان بن الحكم: خيط باطل، وذلك لأنه كان طويلاً مضطرباً، فلُقِّب به لدقته. وفيه يقول الشاعر: لحا الله قوماً ملّكوا خَيْطَ باطلٍ على الناس يعطي من يشاء ويمنعُ والطويل أيضاً يُلقب بظلِّ النعامة، كما يُلقّب بخيط باطل. البحتري: وَمَتى وَجَدْتَ النّاسَ، إلاّ تَارِكاً لحَميمـه في التُّرْبِ، أوْ مَترُوكَا بَلَغَ الإرَادَةَ إنْ فَداكَ بِنَفْســه وَوَدِدْتَ لوْ تَفــديه لا يَفْديكَا لَوْ يَنْجَلي لكَ ذُخْرُها مِنْ نكبةٍ جَلَلٍ، لأضْحَكَكَ الذي يُبكيكـا وَلحَالَ كلّ الحَوْل، من دونِ الذي قَد باتَ يُسخِطُكَ الذي يُرْضِيكا ما يَوـْمُ أُمّكَ، وهـو أرْوَعُ نَازِلٍ فَاجَــاكَ، إلاّ دُونَ يَوـْمِ أبيكـا إسماعيل ديب | Esmaiel.Hasan@admedia.ae