الإعلام الاجتماعي صار هو الخيار الأول لبعض الجماهير من الناس وجمهور الشباب تحديداً، لم يعد هؤلاء الشباب يفكرون في الأشكال الإعلامية التقليدية التي سادت خلال القرن الماضي، بعد أن قفزت المجتمعات الإنسانية اليوم قفزة هائلة في الفضاء، فضاء الثورة المعرفية وفضاء الإعلام الاجتماعي وفضاء الكون وما عاد واردا أن يظل التلفزيون هو نفسه ذلك الصندوق القابع في غرفة المعيشة حيث تجتمع الأسرة حوله في المساء أو معلقا على كل جدران الغرف كشاشة مسطحة، لقد تجاوز الإعلام الاجتماعي وثورة الوسائط كل التصورات وصار كل إعلامك محمولا في لوح صغير يمكنك طيه ببساطة ووضعه في أقرب درج لسريرك أو حتى تحت وسادة رأسك. لقد جاءت الوسائط الإعلامية التواصلية الحديثة اليوم لتشكل ثورة اتصالات غير معقولة، ثورة قلبت كل المفاهيم والسلوكيات والعلاقات، وجعلت الإعلام التقليدي يتحسس عنقه ويستنفر قدراته لعمل شيء ما يمنحه مزيدا من وقت البقاء، فمبدأ البقاء للأقوى يفرض نفسه بقوة في السباق بين الإعلام الجديد والإعلام التقليدي وكل من لا يأبه بهذه الحقيقة من أهل الإعلام وصناعه وملاكه والمستثمرين فيه، فإنه يغامر في الاتجاه غير الصحيح ويلعب لعبة خاسرة على الأقل فيما يبدو في المنظور القريب ! يستقطب الإعلام الاجتماعي والوسائط الجديدة كل الجمهور ومن كل الشرائح الاجتماعية وتحديدا الشباب المغرم بهذه الوسائط المتعددة، وبما أننا كعرب نعتبر مجتمعات شابة بامتياز تتجاوز نسب الشباب لدينا حاجز الـ 30% فإن إعلامنا التقليدي سيخسر الرهان إذا بقي متمسكا بمنهجيته القديمة وطريقة عمله وتعاطيه مع الإعلام كمفهوم وكرسالة وهدف وكوظيفة اجتماعية، لا يمكن قبول إعلام اليوم بمنطق السبعينيات أو حتى التسعينيات، فقد جرت تحت جسور الأنظمة والدول والواقع مياه أكثر من أن نتصور مدى خطورة ثأثيرها. الخبر لا يزال خبرا لم يتغير، وهو خبر في تويتر أو في إذاعة محلية أو أتيا عبر أرقى القنوات الفضائية، لكن الناس تفضله وتذهب إليه مختارة في تويتر أكثر مما تفضل أن تستقيه أو تستقبله عبر الإذاعة أو الصحيفة، وحتى لو استقبلوه عبر الصحيفة فإنهم عادة ما يفضلونها إلكترونية عبر الشبكة العالمية، لقد تغيرت خيارات الناس كثيرا وأنماط معيشتهم خلال السنوات القليلة الماضية وبسرعة هائلة، والأذكياء فقط هم الذين أعادوا برمجة حركتهم في الفضاء الإعلامي، أما المصرون على الاتجاه المعاكس فسيواجهون خسائر فادحة قطعا. عليهم في الإعلام التقليدي أن يعرفوا كيف يقدمون الخبر حتى وإن كان هو نفسه لم يتغير ، وعليهم أن يعرفوا على وجه الدقة والذكاء كيف يختارون الأشخاص المناسبين والوقت المناسب والأشكال المناسبة لتقديم الخبر، فالخبر رغم حياديته إلا أن طريقة عرضه، ومن يقدمه تلعب دورا في مدى انتشار ومصداقية الرسالة التي ينقلها والجمهور الذي يسمعها، وهذا ما يجب أن يهتم به الإعلام التقليدي ليضمن جمهوره من الشباب. إن أسلوب الاستفزاز القديم والتشاتم بغرض الإثارة، وإهمال قضايا المواطن، وتجاوز طاقات الشباب ورؤاهم للحياة والأحداث والواقع، والاعتماد على نظرة أحادية كانت سائدة لعقود مضت، والاعتقاد بإن الخبر العاجل والهام هو الخبر الكارثي وأن الغلبة للصورة الدموية وغير ذلك أصبح من مخلفات الماضي وعلينا تجاوزه سريعاً. عائشة سلطان | ayya-222@hotmail.com